لَك الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيّةُ فِي تَخْصِيصِهِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ، وانظر: كيف أنزلت عليه
- مفعّل من الحمد، وهو الكثير الخصال التى يحمد عليها حمدا متكررا حمدا بعد حمد. وهذا إنما يعرف بعد العلم بخصال الخير، وأنواع العلوم والمعارف والأخلاق والأوصاف والأفعال التى يستحق تكرار الحمد عليها، ولا ريب أن بنى إسرائيل هم أولو العلم الأول ... فعرف النبى (ص) عند هذه الأمة باسم محمد الذى قد جمع خصال الخير التى يستحق أن يحمد عليها حمدا بعد حمد، وعرف عند أمة المسيح بأحمد الذى يستحق أن يحمد أفضل مما يحمد غيره، والذى حمده أفضل من حمد غيره، فإن أمة المسيح أمة لهم من الرياضات والأخلاق والعبادات ما ليس لأمة موسى، ولهذا كان غالب كتابهم مواعظ وأخلاقا وحضا على الإحسان ... فجاء اسمه عند هذه الأمة بأفعل التفضيل الدال على الفضل والكمال، كما جاءت شريعتهم بالفضل المكمل لشريعة التوراة، وجاء فى الكتاب الجامع لمحاسن الكتب قبله- يعنى القرآن- بالاسمين معا، فتدبر هذا الفصل ... وقال: إن الشرائع ثلاثة: شريعة عدل، وهى: شريعة التوراة فيها الحكم والقصاص، وشريعة فضل وهى: شريعة الإنجيل مشتملة على العفو ومكارم الأخلاق والصفح والإحسان، وشريعة جمعت هذا وهذا، وهى: شريعة القرآن، فإنه يذكر العدل ويوجبه، والفضل ويندب إليه وقول أبى القاسم- يعنى السهيلى- إن اسم محمد- صلى الله عليه وسلم- إنما ترتب بعد ظهوره فى الوجود؛ لأنه حينئذ حمد حمدا مكررا، فكذلك يقال فى اسمه أحمد أيضا. سواء. وقوله فى اسمه أحمد: إنه تقدم لكونه أحمد الحامدين لربه، وهذا يقدم على حمد الخلائق له فبناء منه على أنه- أى: أحمد- تفضيل من فعل الفاعل، وأمّا على القول الاخر الصحيح- يعنى التفضيل من فعل المفعول- فلا يجىء هذا» وقد ذهب ابن القيم إلى أن الاسمين محمدا وأحمد إنما يقعان على المفعول، لأنه يحمد أكثر مما يحمد غيره وذلك أبلغ فى مدحه وأتم معنى، لأنه لو أريد به معنى الفاعل لسمى الحماد، وهو كثير الحمد، كما سمى: محمدا، وهو المحمود كثيرا؛ فإنه كان أكثر الخلق حمدا لربه، فلو كان اسمه باعتبار الفاعل- يعنى أنه فاعل الحمد- لكان الأولى أن يسمى-