للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سَبَبٌ آخَرُ لِبُنْيَانِ الْبَيْتِ:

وَرُوِيَ فِي سَبَبِ بُنْيَانِ الْبَيْتِ خَبَرٌ آخَرُ، وَلَيْسَ بِمُعَارِضِ لِمَا تَقَدّمَ، وَذَلِكَ أَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمّا قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قالُوا:

أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الْبَقَرَةُ: ٢٩.

خَافُوا أَنْ يَكُونَ اللهُ عَاتِبًا عَلَيْهِمْ لِاعْتِرَاضِهِمْ فِي عِلْمِهِ، فَطَافُوا بِالْعَرْشِ سَبْعًا، يَسْتَرْضُونَ رَبّهُمْ، وَيَتَضَرّعُونَ إلَيْهِ، فَأَمَرَهُمْ سُبْحَانَهُ أَنْ يَبْنُوا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ، وَأَنْ يَجْعَلُوا طَوَافَهُمْ بِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنْ الطّوَافِ بِالْعَرْشِ، ثُمّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَبْنُوا فِي كُلّ سَمَاءٍ بَيْتًا، وَفِي كُلّ أَرْضٍ بَيْتًا، قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْتًا، كُلّ بَيْتٍ مِنْهَا مَنَا صَاحِبَهُ، أَيْ:

فِي مُقَابَلَتِهِ، لَوْ سَقَطَتْ لَسَقَطَتْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

حَوْلَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ مَرّةً أُخْرَى:

رُوِيَ أَيْضًا أَنّ الْمَلَائِكَةَ حِينَ أَسّسَتْ الْكَعْبَةَ انْشَقّتْ الْأَرْضُ إلَى مُنْتَهَاهَا، وَقُذِفَتْ فِيهَا حِجَارَةٌ أَمْثَالَ الْإِبِلِ، فَتِلْكَ الْقَوَاعِدُ مِنْ البيت التى رفع إبراهيم وإسمعيل، فَلَمّا جَاءَ الطّوفَانُ رُفِعَتْ، وَأُودِعَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ أبا قبيس «١» .


وفى هذا نظر، فالله جل شأنه هو الذى يحل ويحرم لا النبيون، ولم يذكر تحريم المدينة فى القرآن كما ذكر تحريم مكة، «والإذخر: الحشيش الطيب الرائحة.
(١) ليس لكل ما قاله عن الملائكة هنا سند صحيح، ولم يرد حديث طواف الملائكة المذكور هنا سوى: «أبو الفرج» فى كتابه «مثير الغرام» ، وليس من البر فى الدين أن تفترى الأكاذيب لتعظيم أمر، شأنه بالصدق فى النفوس أعظم، والحق لا يحميه لباطل، والجمال يشينه الكذب

<<  <  ج: ص:  >  >>