للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسألوه، فضحك وقال: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» (١).

قال ابن القيم -رحمه الله-: «من المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل اللَّه على خلقه، الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة، الذي لو أُنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته.

قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: ٨٢]، ومن ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، هذا أصح القولين، كقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الفتح: ٢٩]، وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات. فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب اللَّه، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب تعالى ومجامعها - وهي اللَّه والرب والرحمن - وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء


(١) صحيح البخاري برقم ٥٧٣٦، وصحيح مسلم برقم ٢٢٠١.

<<  <   >  >>