للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفّسْ فِي الإِنَاءِ، فِإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيُنَحِّ الإِنَاءَ ... » (١).

وفي هذا الشرب حكم جمة، وفوائد مهمة، وقد نبه -صلى الله عليه وسلم- على مجامعها بقوله: «إِنَّهُ أَرْوَى، وَأَمْرَأُ، وَأَبْرَأُ»، فأروى: أشد ريًّا وأبلغه وأنفعه، وأبرأ: أفعل من البرء وهو الشفاء، أي يبرئ من شدة العطش ودائه، لتردده على المعدة الملتهبة دفعات، فتسكن الدفعة الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه، والثالثة ما عجزت الثانية عنه.

وقوله: «وَأَمْرَأُ» هو أفعل من مرئ الطعام والشراب في بدنه، إذا دخله وخالطه بسهولة ولذة ونفع، ومنه {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)} [النساء: ٤]. هنيئًا في عاقبته، مريئًا في مذاقه، وقيل: معناه أنه أسرع انحدارًا عن المريء لسهولته وخفته عليه، بخلاف الكثير فإنه لا يسهل على المريء انحداره.

ومن آفات الشرب نهلة واحدة: أنه يخاف منه الشرق، بأن ينسد مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه، فيغص به، فإذا تنفس رويدًا ثم شرب أمن ذلك (٢).


(١) أخرجه ابن ماجه ٣٤٢٧، وأبو يعلى ٦٦٧٧، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بمعناه، وصحح إسناده الحاكم (٤/ ١٣٩)، والبوصيري في المصباح (٤/ ٤٧)، وحسنه الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة ٣٨٦، وفي الباب عن أبي قتادة وأبي سعيد وابن عباس وسهل بن سعد -رضي الله عنهم-.
(٢) زاد المعاد (٤/ ٣٢١ - ٣٣١)، ومن أراد التوسع فليرجع إليه.

<<  <   >  >>