للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كان من يقضي بين الناس في الأموال، والدماء، والأعراض -إذا لم يكن عالماً عادلاً - كان في النار، فكيف بمن يحكم في الملل، والأديان، وأصول الإيمان، والمعارف الإلهية، والمعالم الكلية، بلا علم ولا عدل" (١).

والعلم يشمل في مجال دراسة الأديان العلم بالإسلام من مصادره الأساسية من الكتاب والسنة، وما يفسرهما من أقوال السلف، أو يساعد على فهمهما من علوم الآلة كاللغة العربية، كما يشمل العلم بشبهات أهل الأديان والملل، وطرق الرد عليها (٢).

[الضابط الثالث: تقدير المصلحة والمفسدة في دراسة الأديان]

فدراسة الأديان، والملل الكفرية، والاشتغال بها لا تخلو من مخاطر ومزالق قد تضر المشتغل بها، كأن تترك شبهات أهل تلك الأديان في قلبه شيئاً، وقد يلحق ضرراً منها بالحق الذي معه، وذلك فيما إذا ضعف عن رد شبهات الخصوم، كما يمكن أن تؤدي دراستها إلى نشرها، وترويج مبادئها، لاسيما إذا لم يحكم الرد عليها.

لهذا ينبغي قبل التعرض إلى دراسة أي دين أو ملة أن يقدر في هذه الدراسة المصلحة والمفسدة، والقول المعتمد في تقدير المصلحة والمفسدة: قول العلماء المؤتمنين على دينهم (٣).

[الضابط الرابع: الرجوع إلى المصادر]

الرجوع إلى مصادر العقائد المبحوثة، ونقل النصوص منها بألفاظها، والدقة في نسبة الآراء إلى أهلها.

أما نسبة الأقوال إلى الناس من غير طريق صحيحة، أو من طريق مشكوك في صحتها، أو من طريق لا يعرف مدى التزامها بالصدق والعدل، فإن هذا من باب الظن الذي نهينا عن إتباعه، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢] (٤) وذم الله -تعالى- متبعي الظن والهوى فقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: ٢٣] (٥).

وقد التزم هذا علماء السلف، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله تعالى- يقول في رده على النصارى: "وأنا أذكر ما ذكروه بألفاظهم بأعيانها فصلاً فصلاً، واتبع كل فصل مما يناسبه من الجواب فرعاً وأصلاً، وعقداً وحلاً" (٦).


(١) الجواب الصحيح ١/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٢) انظر: علم الملل ومناهج العلماء فيه ص ٢٤٠ - ٢٤٢.
(٣) انظر: علم الملل ومناهج العلماء فيه ص ٢٣٦.
(٤) سورة الحجرات: الآية ١٢.
(٥) سورة النجم: الآية ٢٣.
(٦) الجواب الصحيح ص ١/ ٦٤.

<<  <   >  >>