للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المنهج منهج خطرٌ على العقيدة الإسلامية، خصوصاً إذا علم أن بعض التنازلات والتأويلات فيه تبلغ بصاحبها إلى الردة عن الإسلام، وقد أثبت خطورة هذا المنهج: ما عم أوروبا من موجة إلحاد عارمة، نتيجة لتطبيقها الخاطئ لهذا المنهج.

كما أن في هذا المنهج جناية كبرى على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لما يحمله هذا الأمر من عدم الثقة باللفظ القرآني واللفظ النبوي، وأيضاً، فإن هذا المنهج قصر البحث على الظواهر الكونية، ومعلوم أن هناك أموراً كثيرة غير داخلة تحت التجربة ولا الحس.

ثم إن هذا المنهج لا يؤدي الدور المطلوب منه، بل هو سبيل لتسليط الأعداء على كل المسلمات العقدية، وحينئذ يصبح من العسير على من نهج هذا المنهج أن يفرق بين الأمور، إذا ما من أمر من الأمور إلا وهو يحتمل أن يفسر بأي نظرية استحدثها مستحدث كما فسر غيرها بالنظريات الأخرى (١).

[المطلب الخامس: منهج الحوار والجدال والرد والمحاجة]

سلك بعض علماء المسلمين في دراستهم للأديان اتجاهاً دفاعياً، يواجه حملات التنصير، والتشكيك التي تتربص بالمجتمع الإسلامي، وتثير الفتنة بين المسلمين، واتخذ هذا الاتجاه شكل مناظرات حية بين علماء المسلمين والكفار، من أصحاب الأديان والنحل المختلفة، وبالمحاورات، والرد على الشبهات المكتوبة في رسائل، أو في كتب، ويمثل هذا المنهج أغلب كتب علماء المسلمين (٢).

[المطلب السادس: المنهج العلمي الشامل في دراسة الأديان]

والمراد بالمنهج الشامل هو المنهج الذي يشمل جميع المناهج السابقة، حيث يهتم بعرض ما يتناوله بالدراسة عرضاً أميناً، مع المناقشة، والمقارنة، والتحليل النقدي، ورد الباطل وبيانه، وقد يتم ذلك في قالب حوار، أو مناظرة.

وهذا المنهج الشامل هو الأمثل في تناول دراسة الأديان، إذ وصف الأديان وحده لا يغني، كما أن المقارنة غير الموجهة غير مجدية، والنقد والردود قبل استيفاء العرض والمناقشة قد يكون فيها مجانبة للأمانة والإنصاف، ومن تتبع كتب المسلمين في دراسة الأديان يجد هذا المنهج الشامل، ولعل خير أنموذج لهذا المنهج كتاب "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (٣).


(١) مناهج البحث في العقيدة للسعيد ٢٩٩ - ٣٠١.
(٢) علم الملل ومناهج العلماء فيه ص ١٨٩.
(٣) المصدر السابق ص ١٨٩ - ١٩٠.

<<  <   >  >>