للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: مناهج المستشرقين في دراسة الأديان والملل]

استخدم المستشرقون في دراسة الملل بصفة عامة والدراسات الإسلامية بصفة خاصة مناهج عديدة مجتمعة أو متفرقة وأهم هذه المناهج:

١ - المنهج النقدي التاريخي: فقد بدأ النقد التاريخي للكتب المقدسة عند الغرب في القرن السابع عشر، وذلك بعد نشر الكتب المقدسة بعدة لغات حتى يمكن المقارنة بين النصوص المختلفة ... من أجل البحث عن النص الأصلي، فأخضع نصوص العهدين لنقد التاريخي بدءا من نشأتها، واشتمل هذا النقد على كل ما يتعلق بالعهدين من ترجمة أو شروح، وفي القرن التاسع عشر أخذ هذا المنهج يتسع ويتحول إلى ما سموه بالنقد العلمي القائم على تحقيق النصوص والمقارنة بينها، والاعتماد على فقه اللغة، وعلم الأساطير المقارنة في هذا القرن، تم وضع قواعد هذا المنهج وبرزت مدارسه المختلفة.

وقد قاد هذا المنهج الغربيين إلى الإلحاد، وذلك عندما عرفوا أن ديانتهم غير صحيحة، ومهما يكن من أمر فإن الغرب ممثلاً بالدراسات الاستشراقية قد طبق هذا المنهج على الدراسات الإسلامية، يقول بارت: "ونحن في هذا نطبق على الإسلام وتاريخه وعلى المؤلفات العربية التي نشتغل بها المعيار النقدي نفسه، الذي نطبقه على تاريخ الفكر عندنا، وعلى المصادر المدونة لعالمنا نحن" (١). ومع هذا الادعاء من "بارت" فإن تطبيق هذا المنهج على الدراسات الإسلامية لم يكن كتطبيقه على الدراسات النصرانية أو اليهودية لما ذكر سابقا من أن الغرب انطلق في دراسته من منطلق عدائي للإسلام، ولما كان يحمله المستشرقون من أحكام مسبقة، ولذا يقال: إن أغلب الغربيين لم يخلصوا لهذا المنهج في دراساتهم للإسلام ولو أخلصوا لقواعده لأمكن لهم الوصول إلى نتائج صحيحة.

٢ - المنهج التحليلي: المنهج التحليلي هو أحد المناهج التي طبقها المستشرقون على الدراسات الإسلامية، ويعني هذا المنهج تفتيت الظاهرة الفكرية، أو الموضوع المطلوب دراسته إلى مجموعة من العناصر يتم التأليف بينها في حزمة لا متجانسة من العوامل أو الوقائع التي أنشأها، أي أن هذا المنهج يقوم بتفتيت الظاهرة الفكرية وردها إلى عناصرها الأولية كالظروف الاجتماعية أو السياسية أو الدينية، فإذا طبق المستشرق هذا المنهج وهو متأثر بمزاجه وثقافته وبيئته ودينه الذي نشأة فيه فإنه يصل به في الدراسات الإسلامية إلى نتائج غير سليمة. وذلك أنهم من خلال هذا المنهج يأتون بكل تفسير غريب، ويعيدون المفاهيم الإسلامية إلى غير أصول إسلامية.


(١) الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية رودي بارت ترجمة مصطفى ماهر، ص ١٠، دار الكاتب العربي، القاهرة ١٩٦٧.

<<  <   >  >>