للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - المنهج الإسقاطي: أعني إسقاط الرؤية الوضعية العلمانية والتأثيرات البيئية المعاصرة على الوقائع التاريخية حيث درس الإسلام، سواء عقيدة أو سيرة وتاريخ بمفاهيم غربية معاصرة، ومقارنته بالمعطيات التاريخية الغربية. فبين الرواسب الدينية والنزعة العلمانية والآراء الفلسفية، درس الإسلام من خلال رؤية وضعية منحصرة على المنظور، ترفض كل ما هو روحي أو غيبي، على أساس أنه سقوط في مظلة الخيال، والخرافة، واللاعلمية. فلم ينتج من تطبيق هذا المنهج على الدراسات الإسلامية إلا أحكام تعسفية لا صلة لها بالتحليل العلمي السليم (١).

٤ - منهج الأثر والتأثر: يرى بعض الباحثين المعاصرين أن من شروط الباحث في علم الأديان أن لا يسرع عند المقارنة في تحديد الصلة بين ظاهرتين في دينين قبل أن يظهر له نوع العلاقة بينهما، أهي مشابهة أم مماثلة أم تضاد أم تناقض حتى لا يقع في الخطأ (٢).

وهذا ما يقتضي العدل والإنصاف، لكن عندما نأتي إلى منهج المستشرقين في الدراسات الإسلامية نجدهم يطبقون هذا المنهج بطريقة ماكرة وبدون ضوابط، فهم من خلال هذا المنهج يتوصلون إلى أن الإسلام ليس إلا مزيج مستمد من الأديان الأخرى والنحل الباطلة.

إن هذه المناهج التي استخدمها المستشرقون في الدراسات الإسلامية -من النقد التاريخي، والمنهج التحليلي، ومنهج الأثر والتأثر، والمنهج الإسقاطي- تخالف تلك المناهج التي استخدمها علماء المسلمين في مجال دراسة الأديان، وإن تشابهت في الظاهر، أو اتفقت معها في المسمى، ذلك أن الهدف الذي من أجله استخدمه علماء المسلمين يختلف عن أهداف الغرب منه، حيث كانت مناهجهم مبنية على العدل والإنصاف، فلم يحدث من علماء المسلمين أن تقولوا على أهل دين، ولم يحرفوا تاريخ أمة.

كما لم يأتوا بتحليلات واستنتاجات ليس لها أساس من الصحة، وكيف يمكن عنهم ذلك وقصدهم معرفة حقيقة الأديان كما هي في الواقع، ليمكن لهم تطبيق شرع الله على أهلها. أما المستشرقون فهم إما قوم أكل الحقد الصليبي أكبادهم، أو يهود ملأ الحقد قلوبهم، وأعماهم الكبر، أو علمانيون، وملحدون ينطلقون من خلفية دينية مع الإلحاد والكفر، فازدادوا كفرا مع كفرهم.


(١) انظر: الظاهرة الاستشراقية ص ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٢) دراسات في اليهودية بين الملة والنحلة والحركة، د. جبر محمد حسن جبر ص ٨ - ٩.

<<  <   >  >>