[المبحث الثالث: مناهج الكفار في دراسة علم الأديان]
لم يعرف الغرب دراسة علم الأديان والملل بمفهومه العلمي قبل العصر الحديث والسبب في ذلك هو أن النصارى لم يكونوا يعترفون بوجود الديانات الأخرى، بل كانوا يعتبرون ما عدا النصرانية "هرطقة" وكان جل اهتمام رجال الدين في ذلك ينصب على الدراسات اللاهوتية، وتفنيد الآراء أو الأديان التي يرون أنها تشكل خطورة على عقائد النصرانية، أضف إلى ذلك أن النصرانية كانت مصونة -حسب زعمهم- بقدسية تمنع توجيه أي انتقاد إليها.
لكن بدءا من عصر النهضة الأوروبية - القرن الخامس عشر الميلادي- بدأ تحول كبير فبدأ الإنسان الغربي ينتقد الديانة النصرانية كما بدأ اهتمامه بمعرفة الديانات الأخرى وعقائد الأمم المختلفة.
ويحدد بعض العلماء أن ظهور المصطلح "مقارنة الأديان" أو "الدين المقارن" عند الغربيين كان في نهاية القرن التاسع عشر ليدل عندهم على الدراسة العلمية للأديان للتفريق بين هذا النوع الجديد من الدراسة وبين الدراسات اللاهوتية التي عرفتها النصرانية منذ نشأتها.
ثم اتسع نطاق علم مقارنة الأديان في القرن العشرين ليشمل:"تاريخ الأديان"، و"فلسفة الأديان"، و"علم الاجتماع الديني" و"علم نفس الدين" و "فينومولوجيا الدين".
وخلاصة القول: أن علم الأديان في الغرب الحديث كان وليد الصراع بين الدين النصراني وبين رواد النهضة الأوروبية، ولم يكن الذين تبنوه رجال الدين، وإنما كانوا الفلاسفة المناهضين ضد الكنيسة ورجالها.