للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: ضعف مناهج أهل الأهواء في الدفاع عن الحق وقصورهم في الرد على الباطل، قال شيخ الإسلام: " ومن أعظم أسباب بدع المتكلمين من الجهمية وغيرهم قصورهم في مناظرة الكفار والمشركين، فإنهم يناظرونهم ويحاجونهم بغير الحق والعدل لينصروا الإسلام- زعموا بذلك- فيسقط عليهم أولئك لما فيهم من الجهل والظلم ويحاجونهم بممانعات ومعارضات، فيحتاجون حينئذ إلى جحد طائفة من الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والظلم والعدوان لإخوانهم المسلمين بما استظهر عليهم أولئك المشركون فصار قولهم مشتملا على إيمان وكفر وهدى وضلال ورشد وغي، وجمع بين النقضين وصاروا مخالفين للكفار والمؤمنين كالذين يقاتلون الكفار والمؤمنين .. " (١).

ومع هذا كله فإن من العدل والإنصاف أن نذكر لعلماء الكلام فضلهم في مجال علم الأديان والملل، فقد كان لهم دور في الرد على الباطل وقطع حجج المبطلين، وهذا مما يحمد لهم، قال شيخ الإسلام: "وكذلك متكلمة أهل الإثبات مثل الكلابية، والكرامية، والأشعرية، إنما قبلوا واتبعوا واستحمدوا إلى عموم الأمة بما أثبتوا من أصول الإيمان من إثبات الصانع وصفاته، وإثبات النبوة، والرد على الكفار من المشركين وأهل الكتاب وبيان تناقض حججهم .. " (٢)، لكن هذا الجهد لا يعفيهم عن النقد بسبب أخطائهم المنهجية والعقدية التي سيق ذكرها.

كلّ ما سبق يؤكد لنا أن منهج السلف الموافق لمنهج القرآن المنضبط بالضوابط الشرعية هو المنهج الوحيد الذي ينبغي أن تدرس على ضوئه الأديان والملل، وهو المنهج المناسب لمواجهة التحديات المعاصرة في مجال دراسة الأديان والملل (٣).


(١) مجموع الفتاوى الكبرى لابن تيمية ٥/ ٣٥، دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى.
(٢) درء التعارض ٨/ ٢٧٥.
(٣) انظر: علم الملل ومناهج العلماء فيها ص ٢٥٢ - ٣٤٣.

<<  <   >  >>