للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥ - درء التعارض بين نصوص الكتاب والسنة]

من منطلقات منهج أهل السنة ومسلماته الجزم على استحالة تعارض نصوص الكتاب والسنة بعضها مع بعض، إذ كلها وحي من عند الله، والله يقول: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢] (١). وكذلك السنة وحي بدلالة القرآن، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣ - ٤] (٢)، فإن ظن ظان أن ثم تعارضاً بين بعض النصوص فهو في فهم الناظر، وليس في نفس الأمر، قال الشاطبي: "أدلة الشريعة لا تتعارض في نفس الأمر، ولذلك لا تجد البتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما، بحيث وجب عليهم الوقوف، لكن قد يقع التعارض في فهم الناظر" (٣).

وقد استخدم المسلمون هذه القاعدة في الرد على أهل الكتاب، وبيان بطلان أديانهم، وذلك بإثبات الاختلافات، والتناقضات الموجودة في كتبهم، والتي تدل على أن هذه الكتب قد حرفت وبدلت، ولا تمثل بأي حال وحياً منزلاً من عند الله.

[٦ - درء التعارض بين أدلة النقل وأدلة العقل]

من الأسس المنهجية في التعامل مع الأدلة عند أهل السنة والجماعة الجزم بعدم التعارض بين الأدلة الشرعية السمعية وبين الأدلة العقلية، ذلك أن النقل الصحيح والعقل الصريح دليلان شرعيان، والأدلة الشرعية كلها جاءت من عند الله، فيستحيل تعارضها، وما توهم من المسائل أنه قد تعارض فيها العقل والنقل، فلا يخلو الأمر: إما أن لا تكون من المسائل البينة المعروفة بصريح العقل، وإما أن يكون النقل المستدل به مكذوباً موضوعاً يعلم أهل النقل أنه كذب، أو يكون النقل صحيحاً، لكن في دلالة ضعيفة غلط المستدل بها على الشرع (٤)، فكل عقل صريح صحيح خالص من الشبهات فإنه يطابق النقل الصحيح الصريح (٥).


(١) سورة النساء الآية: ٨٢.
(٢) سورة النجم الآية: ٣ - ٤.
(٣) الموافقات في أصول الشريعة، لأبي إسحاق إبراهيم الشاطبي، ص ٤/ ٢٩٤، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة.
(٤) انظر: درء تعارض العقل والنقل ١/ ١٤٨.
(٥) انظر: مجموع الفتاوى ١٨/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>