للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: أساليب المستشرقين في الدراسات الإسلامية]

ومما يكشف لنا حقيقة أهداف المستشرقين من خلال منهجهم هذا، الأساليب التي استخدموها لتحقيق هذه المناهج، أو السمات الدالة على الخيانة المنهجية، وأبرز هذه الأساليب:

١ - الأسلوب الانتقائي: إن المستشرقين لا يدرسون الإسلام كوحدة متكاملة، وإنما يدرسون منه موضوعات انتقوها، فيهتمون بالموضوعات التي يرون أنهم يستطيعون توظيفها على حسب أهوائهم وخاصة الموضوعات التي تمثل جانباً سلبياً في تاريخ الأمة الإسلامية كالفرق المبتدعة " إن المنهج الغربي الوافد يتحدث في حفاوة ضخمة عن الاعتزال والمعتزلة، ويرى أن سقوطهم كان مصدر خطر كبير على الفكر الإسلامي، وأن منهجهم هو أصدق المناهج التي عرفها هذا الفكر .. " (١).

ومن الانتقاء أيضاً انتقاء المصادر: فهم ينتقون المصادر التي يعتمدون عليها في الدراسات الإسلامية، هذا إذا لم يلقوها كلياً، فمصادرهم المفضلة هي كتب الأدب، وكتب الفرق المنحرفة عن المنهج الصحيح، ومن ذلك أيضاً انتقاء الأدلة، وذلك أنه قد يرد في الموضوع الذي يدرسونه أدلة صحيحة وأدلة ضعيفة، أو شاذة، فيختارون الأدلة الشاذة لكونها توافق أهواءهم، ويتجاهلون أو يتعامون عن الأدلة الصحيحة، أو يشككون في صحتها.

٢ - التحريف وقلب الحقائق: يحرف المستشرقون النصوص ... تحريفاً مقصوداً، أو يقلبون معانيها حين لا يجدون مجالاً للتحريف؛ وذلك باستعمال ما يسمى منهج العكس، وهو أن يأتي المستشرق إلى أوثق الأخبار وأصدق الأنباء فيقلبها -متعمداً- إلى عكسها.

٣ - الكذب والاختلاق: من الأساليب الماكرة الدالة على سوء الطوية، والمخلة للمنهجية عند المستشرقين: استخدام أساليب الخداع والتمويه، كالعزو إلى مصادر ومراجع غير موجودة، من ذلك ما ذكر الدكتور عبد الرحمن بدوي عن المستشرق لامانس حيث يقول: "وأبشع ما فعله لامانس خصوصاً في كتابه فاطمة وبنات محمد صلى الله عليه وسلم هو أنه يشير في الهوامش إلى مراجع بصفحاتها وقد راجعت معظم هذه الإشارات في الكتب التي أحال إليها، فوجدت أنه إما أن يشير على مواضع غير موجودة إطلاقاً في هذه الكتب، أو يفهم النص فهماً ملتوياً، خبيثاً أو تستخرج الزامات بتعسف شديد، يدل على فساد الذهن، وخبث النية، ولهذا ينبغي ألا يعتمد القارئ على إشاراته إلى مراجع، فإن معظمها تمويه وكذب وتعسف في فهم النصوص" (٢).


(١) أخطاء المنهج الغربي الوافد ص ١٣٠.
(٢) موسوعة المستشرقين د. عبد الرحمن بدوي، ص ٣٤٨، دار العلم للملايين، بيروت ١٩٨٤.

<<  <   >  >>