للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: منهج الاستدلال]

ومعرفة هذا المنهج مهم، إذ أن كل من ينتسب إلى الإسلام يدعي أنه يستمد أحكامه من الكتاب والسنة، ويعتمد عليها، والاختلاف في منهج الاستدلال هو الفيصل بين منهج أهل السنة في التعامل مع الأدلة، وبين مناهج المخالفين، فلأهل السنة قواعد منهجية تميز منهجهم في الاستدلال وتضبطه، والتزامهم بهذه القواعد جنبهم الاضطراب في المنهج، والحيرة الفكرية التي لازمت الفرق الأخرى ومن أهم هذه القواعد في مجال دراسة الأديان:

[١ - الإيمان بجميع نصوص الكتاب والسنة والتسليم لها]

قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} [البقرة: ٨٥] (١). وقد التزم أهل السنة والجماعة على هذه القاعدة امتثالاً لأمر الله، واحترازاً من هذا الوعيد الذي وجه إلى من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه. قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه" (٢).

وقال ابن أبي العز: "فالواجب كمال التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول، والتصديق، دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولاً، أو نحمله شبهة، أو نقدم عليه آراء الرجال، وزبالة أذهانهم، فنوحده بالتحكيم والتسليم، والانقياد والإذعان" (٣).

[٢ - اشتمال الكتاب والسنة على أصول الدين]

يؤمن أهل السنة والجماعة أن الكتاب والسنة وافيان لأمور الدين أصولاً وفروعاً، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} [النحل: ٨٩] (٤). وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] (٥).


(١) سورة البقرة الآية: ٨٥.
(٢) مجموع الفتاوى ٣/ ٤١.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي تحقيق د. التركي والأرنؤوط، ص ١/ ٢٢٨، مؤسسة الرسالة، ١٤١٥.
(٤) سورة النحل الآية: ٨٩.
(٥) سورة الأنعام الآية: ٣٨.

<<  <   >  >>