للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه، فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة، يعلم بالعقل بطلانها، بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للشرع، وتأملته في مسائل الأصول الكبار، كمسائل التوحيد، والصفات ومسائل القدر، والنبوات، والمعاد وغير ذلك، ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عند بيان منهجه في الرد على النصارى: "ونحن -ولله الحمد والمنة- نبين أن كل ما احتجوا به من حجة سمعية من القرآن، أو من الكتب المتقدمة على القرآن، أو عقلية، فلا حجة لهم في شيء منها، بل الكتب كلها مع القرآن، والعقل حجة عليهم لا لهم، بل عامة ما يحتجون به من نصوص الأنبياء، ومن المعقول فهو نفسه حجة عليهم، ويظهر منه فساد قولهم" (٢).

[٧ - الجمع بين الإيمان بالمتشابه والعمل بالمحكم]

وقف أهل السنة والجماعة موقفاً صحيحاً من المحكم والمتشابه تمَثّل في الإيمان بالكتاب كله، محكمه ومتشابهه، مع العمل بالمحكم، والإيمان بالمتشابه (٣) حتى يتبين معناه ويتضح مدلوله، وذلك بالتدبر فيه، ومتابعة النظر، أو برده إلى المحكمات من النصوص، فإن النصوص يفسر بعضها بعضا (٤).

وقد استعمل أهل السنة هذه القاعدة بعد تحريرها وتحديدها على هذا الوجه في الرد على أصحاب الأديان من اليهود والنصارى، الذين كان دأبهم إتباع المتشابهات وترك النصوص الصريحة سواء كان ذلك في أديانهم أو فيما احتجوا به من نصوص القرآن على صحة أديانهم.

[٨ - الأخذ بظواهر النصوص]

المراد بظواهر النصوص هو ما يتبادر إلى ذهن المخاطب من المعاني وليس المراد بالظاهر الاصطلاحي عند الأصوليين الذي يقابل النص (٥). والمقصود هنا أن ظواهر النصوص مفهومة لدى المخاطبين (٦).

فيجب أخذها، ودليل ذلك أن الله أرسل رسله على لغات أقوامهم قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤] (٧).


(١) درء تعارض العقل والنقل ١/ ١٤٧.
(٢) الجواب الصحيح ١/ ١٠٤، دار العاصمة.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى ١٧/ ٣٨٦، الاعتصام ٢/ ٣٣٦.
(٤) انظر: منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد ٢/ ٤٩١.
(٥) انظر بدائع الفوائد لابن القيم، ص ٤/ ٩، دار الكتاب العربي، بيروت.
(٦) انظر: منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد ٢/ ٤٣٧.
(٧) سورة إبراهيم الآية: ٤.

<<  <   >  >>