للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والباحث في علم العقائد والديانات والملل والنحل والمذاهب يجد نفسه أمام زخم كثير من الآراء المتناقضة، التي سببها التنكب عن الطريق السوي والمنهج المستقيم، وهذا مصداق قول الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢] (١) وقوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)} [ق: ٥] (٢).

ولما كان الأمر كذلك، فإنه لا يجمل بالباحث الطالب للحق أن يبحث عن المسائل، ثم يحكم على أصحابها، دون أن يبحث في الدلائل التي نتجت عنها تلك المسائل، إذ لا يمكن معالجة الأخطاء في المسائل دون النظر في الأصول التي بنيت عليها، فالبحث فيها يبقى عقيماً عديم الجدوى.

وبمنهج البحث العلمي في العقيدة يستطيع الباحث المسلم إزالة كثير من الإشكالات التي تواجهه اليوم، فإن كثيراً من العلوم والنظريات التي أطلق عليها اسم العلم، قد بحثت وفق مناهج بحث خاصة وصفت بالمنهجية أو الموضوعية والعلمية، واكتسبت ثقة جميع الباحثين في هذه المجالات، بل حازت إيمانهم، والنتائج التي توصل إليها، هي نتائج تصطدم -في أحيان كثيرة- بعقيدة المسلم، ولا تنسجم إلا نادراً مع فكرة المسلم الكلية عن الكون والإنسان والحياة، والاعتراض على ذلك يكاد يكون اعتراضاً على قضايا علمية مسلمة، لأنها بحثت وفق منهج بحث علمي، ومنهج البحث نفسه وراءه فلسفة قوم آخرين لا يستطيع المسلم قبولها كما هي، ولذلك كان لا بد من العمل على تلمس منهج للبحث في هذه العلوم يكون قانوناً يعصم الباحث المسلم فيها من الوقوع فيما يقع فيه غيره من أخطاء، ويساعده على الوصول إلى نتائج تنسجم وعقيدة المسلم ونظرته إلى الكون والإنسان والحياة (٣).


(١) سورة النساء: الآية ٨٢.
(٢) سورة ق: الآية ٥.
(٣) نظرة عامة في بعض مناهج البحث الإسلامية د/ طه جابر العلواني، بحث منشور في مجلة: أضواء الشريعة، العدد ٨ عام ١٣٩٨ (٤٠١). وانظر: مناهج البحث في العقيدة ص ٢٦٦ - ٢٦٩.

<<  <   >  >>