للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ناقشوا عقائد الأمم وأفكارها نقاشاً قائماً على العلم والعدل، وبعيداً عن العاطفة المثيرة، أو الادعاء والتشهي، وكان من ركائز هذا النقاش التحليل النقدي: المقارنة العلمية البعيدة عن التعصب الممقوت، والرد المحكم.

والمقارنة عند علماء السلف تارة تكون بين الحق والباطل، كالمقارنة بين الإسلام والأديان المحرفة (١)، وتارة تكون بين حقين كالمقارنة بين الإسلام وبين الديانة اليهودية قبل تحريفها ونسخها، وتارة تكون بين باطلين كالمقارنة بين الأديان الباطلة، وذلك لبيان أن كفر بعضها وفساد عقائدها أشد من بعض، وهو منهج قرآني، قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: ٨٢] (٢).

والقصد من هذه المقارنات كلها بيان الحق، وكشف الباطل. وقد تميز الرد عند السلف بأمور أهمها:

قوة الرد، وإحكام النقض لشبهات أهل الأديان والملل، بحيث لا تقوم قائمة لما يظنه أهل الباطل حججاً، وبراهين، ولأهمية هذا الأمر نهى السلف أن يناظر من ليس له أهليه في المناظرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد ينهون عن المجادلة، والمناظرة إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة ... " (٣).


(١) الجواب الصحيح ٢/ ٤، ٢/ ٥٢، ٤/ ٤٦
(٢) سورة المائدة الآية: ٨٢.
(٣) درء تعارض العقل والنقل: ٧/ ١٧٣. انظر: علم الملل ومناهج العلماء فيه ص ٢٣٣ - ٢٣٥.

<<  <   >  >>