فَإِن أظهرت زيدا غير مجرور قلت أعطي زيد درهما وكسي زيد ثوبا فَهَذَا الْكَلَام الْجيد
وَقد يجوز أَن تَقول أعطي زيدا دِرْهَم وكسي زيدا ثوب لما كَانَ الدِّرْهَم وَالثَّوْب مفعولين كزيد جَازَ أَن تقيمهما مقَام الْفَاعِل وتنصب زيدا لِأَنَّهُ مفعول فَهَذَا مجَاز وَالْأول الْوَجْه وَمن قَالَ هَذَا قَالَ أَدخل الْقَبْر زيدا وألبست الْجُبَّة أَخَاك
فَإِن قَالَ قَائِل هَل يجوز على هَذَا ضرب زيدا سَوط؟ قيل لَهُ لَا يجوز ذَلِك وَذَلِكَ أَن السَّوْط إِذا قلت ضربت زيدا سَوْطًا مصدر وَمَعْنَاهُ ضربت زيدا ضَرْبَة بِالسَّوْطِ
ويدلك على ذَلِك قَوْلك ضربت زيدا مائَة سَوط لست تَعْنِي أَنَّك ضَربته بِمِائَة سَوط وَلَكِنَّك تَعْنِي أَنَّك ضَربته مائَة ضَرْبَة بِسَوْط أَو بِأَكْثَرَ من ذَلِك من هَذَا الْجِنْس
وَأَنت إِذا قلت أَعْطَيْت زيدا مائَة دِرْهَم أَو كسوته ثَوْبَيْنِ فَإِنَّمَا أوصلت إِلَيْهِ هَذَا الْقدر بِعَيْنِه من الدَّرَاهِم وَالثيَاب فَلذَلِك لم يجز أَن تقيم الْمصدر مقَام الْفَاعِل إِذا كَانَ مَعَه مفعول على الْحَقِيقَة وَلكنه قد يجوز أَن تقيم المصادر والظروف من الْأَمْكِنَة والأزمنة مقَام الْفَاعِل إِذا دخل الْمَفْعُول من حرف الْجَرّ مَا يمنعهُ أَن يقوم مقَام الْفَاعِل وَذَلِكَ نَحْو قَوْلك سير بزيد سير شَدِيد وَضرب بزيد عشرُون سَوْطًا الْمَعْنى بِسَبَب زيد وَمن أَجله وسير بزيد يَوْم الْجُمُعَة وَاخْتلف بِهِ شَهْرَان ومضي بِهِ فرسخان ومشي بِهِ ميلان أَقمت هَذِه الْأَشْيَاء مقَام الْفَاعِل وَقد يجوز نصبها فِي هَذَا الْموضع وَإِن كَانَ الْمَفْعُول مجرورا على مَا أصف لَك
فَمن ذَلِك أَنَّك إِذا قلت سير بزيد فرسخا أضمرت السّير لِأَن سير يدل على السّير فَلم تحتج إِلَى ذكره مَعَه كَمَا تَقول من كذب كَانَ شرا لَهُ تُرِيدُ كَانَ الْكَذِب شرا لَهُ فَلم تذكر الْكَذِب لِأَن كذب قد دلّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute