(هَذَا بَاب التَّبْيِين والتمييز)
اعْلَم أَن التَّمْيِيز يعْمل فِيهِ الْفِعْل وَمَا يُشبههُ فى تَقْدِيره؛ وَمَعْنَاهُ فى الانتصاب وَاحِد وَإِن اخْتلف عوامله فَمَعْنَاه: أَن يأتى مَبْنِيا عَن نَوعه، وَذَلِكَ قَوْلك: عندى عشرُون درهما، وَثَلَاثُونَ ثوبا لما قلت: عندى عشرُون، وَثَلَاثُونَ - ذكرت عددا مُبْهما يَقع على كل مَعْدُود، فَلَمَّا قلت درهما عرفت الشئ الذى إِلَيْهِ قصدت بِأَن ذكرت وَاحِدًا مِنْهُ يدل على / سائره، وَلم يجز أَن تذكر جمعا؛ لِأَن الذى قبله قد تبين أَنه جمع، وَأَنه مِقْدَار مِنْهُ مَعْلُوم وَلم يجز أَن يكون الْوَاحِد الدَّال على النَّوْع معرفَة؛ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مَعْرُوفا كَانَ مَخْصُوصًا، وَإِذا كَانَ منكورا كَانَ شَائِعا فى نَوعه فَأَما النصب فَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ؛ لِأَن النُّون منعت الْإِضَافَة، كَمَا تمنعها إِذا قلت: هَؤُلَاءِ ضاربون زيدا وَلَوْلَا النُّون لأضفت فَقلت: هَؤُلَاءِ ضاربو زيد؛ كَمَا تَقول: هَذِه عشرو زيد، إِلَّا أَن الضاربين وَمَا أشبهه أَسمَاء مَأْخُوذَة من الْفِعْل تُضَاف كَمَا تُضَاف الْأَسْمَاء، فَإِذا منعت النُّون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute