فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا بالى أَقُول: لم أرك مذ يَوْم الْجُمُعَة، وَقد رَآهُ يَوْم الْجُمُعَة؟ قيل: إِن النفى إِنَّمَا وَقع على مَا بعد الْجُمُعَة، وَالتَّقْدِير: لم أرك مذ وَقت رؤيتى لَك يَوْم الْجُمُعَة، فقد أثبت الرُّؤْيَة، وجعلتها الْحَد الذى مِنْهُ لم أره فَهَذَا تَفْسِيرهَا ومجرى مَا كَانَ هَذَا لَفظه، واتصل بِهِ مَعْنَاهُ فَأَما (مُنْذُ) فمعناها - جررت بهَا أَو رفعت - وَاحِد وبابها الْجَرّ؛ لِأَنَّهَا فى الْأَزْمِنَة لابتداء الْغَايَة بِمَنْزِلَة (من) فى سَائِر الْأَسْمَاء تَقول: لم أرك مُنْذُ يَوْم الْجُمُعَة، أى: هَذَا ابْتِدَاء الْغَايَة؛ كَمَا تَقول: من عبد الله إِلَى زيد، وَمن الْكُوفَة سرت فَإِن رفعت فعلى أَنَّك جعلت (مُنْذُ) اسْما، وَذَهَبت إِلَى أَنَّهَا (مذ) فى الْحَقِيقَة وَذَلِكَ قَلِيل؛ لِأَنَّهَا فى الْأَزْمِنَة بِمَنْزِلَة (من) فى الْأَيَّام فَأَما (مذ) فَدلَّ على أَنَّهَا اسْم: أَنَّهَا محذوفة من (مُنْذُ) الَّتِى هى اسْم؛ لِأَن الْحَذف لَا يكون فى الْحُرُوف؛ إِنَّمَا يكون فى الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال، نَحْو: يَد، وَدم، وَمَا أشبهه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute