للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(هَذَا بَاب الْفَاء وَمَا يتنصب بعْدهَا وَمَا يكون مَعْطُوفًا بهَا على مَا قبله)

أعلم أَن الْفَاء عاطفة فِي الْفِعْل كَمَا تعطف فِي الْأَسْمَاء تَقول أَنْت تَأتِينِي فتكرمني وَأَنا أزورك فَأحْسن إِلَيْك كَمَا تَقول أَنا آتِيك ثمَّ أكرمك وَأَنا أزورك وَأحسن إِلَيْك هَذَا إِذا كَانَ الثَّانِي دَاخِلا فِيمَا يدْخل فِيهِ الأول كَمَا تكون الْأَسْمَاء فِي قَوْلك رَأَيْت زيدا فعمرا وأتيت الْكُوفَة فالبصرة فَإِن خَالف الأول الثَّانِي لم يجز أَن يحمل عَلَيْهِ فَحمل الأول على مَعْنَاهُ فانتصب الثَّانِي بإضمار إِن وَذَلِكَ قَوْلك مَا تَأتِينِي فتكرمني وَمَا أزورك فتحدثني إِن أَرَادَ مَا أزورك وَمَا تُحَدِّثنِي كَانَ الرّفْع لاغير لِأَن الثَّانِي مَعْطُوف على الأول وَإِن أَرَادَ مَا أزورك فَكيف تُحَدِّثنِي وَمَا أزورك إِلَّا لم تُحَدِّثنِي على معنى كلما زرتك لم تُحَدِّثنِي كَانَ النصب لِأَن الثَّانِي على خلاف الأول وتمثيل نَصبه أَن يكون الْمَعْنى مَا تكون مني زِيَارَة فَيكون حَدِيث مِنْك فَلَمَّا ذهبت بِالْأولِ إِلَى الِاسْم أضمرت أَن إِذْ كنت قد عطفت اسْما على اسْم لِأَن أَن وَمَا عملت فِيهِ اسْم فَالْمَعْنى لم تكن زِيَارَة فإكرام وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ غير وَاجِب وَهُوَ الْأَمر وَالنَّهْي والاستفهام فَالْأَمْر ائْتِنِي فأكرمك وزرني فأعطيك كَمَا قَالَ الشَّاعِر

(يَا ناقُ سيري عَنَقاً فَسيحاَ ... إِلَى سُليْمانَ فَتَسْتَريحا)

<<  <  ج: ص:  >  >>