إِنَّمَا هُوَ مَبْنِيّ للدهر بأمثلته ف (فعل) لما مضى مِنْهُ وَيفْعل يكون لما أَنْت فِيهِ وَلما لم يَقع من الدَّهْر فَلذَلِك تَقول سرت يَوْمًا وسأسير يَوْم الْجُمُعَة لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكّ مِنْهُ
وَالْمَكَان لَا يَخْلُو فعل مِنْهُ وَهُوَ أبعد الثَّلَاثَة لِأَن الْفِعْل لَيْسَ بمبني من لَفظه وَلَا للمكان مَاض ومستقبل فَيكون الْفِعْل لما مضى مِنْهُ وَلما لم يمض وَلَكِنَّك إِذا قلت فعلت أَو أفعل علم أَن للْحَدَث مَكَانا كَمَا علم أَنه فِي زمَان
فَإِن كَانَ الْمَكَان مِمَّا لَا يَخْلُو الْحَدث مِنْهُ حصره حصر الزَّمَان وتعدى الْفِعْل إِلَيْهِ
وَإِن كَانَ الْمَكَان مَخْصُوصًا لم يَتَعَدَّ إِلَيْهِ إِلَّا كَمَا يتَعَدَّى إِلَى زيد وَعمر
فَأَما الْمَكَان الَّذِي لَا يَنْفَكّ الْحَدث مِنْهُ فنحو جَلَست مَجْلِسا وَقمت مَكَان صَالحا لِأَنَّهُ لَا يقوم إِلَّا فِي مَكَان وَإِنَّمَا نَعته بعد أَن أعمل فِيهِ الْفِعْل وَلَا يجلس إِلَّا فِي مجْلِس
وَكَذَلِكَ سرت فرسخا لِأَن السّير لَا يَخْلُو من أَن يكون فرسخا أَو بعضه
وَجَلَست خَلفك لَا يَنْفَكّ مِنْهُ شَيْء أَن يكون خلف وَاحِد وَإِنَّمَا أَضَافَهُ بعد أَن كَانَ مُطلقًا وَكَذَلِكَ قُمْت أمامك وَنَحْوه
فَإِن قَالَ جَلَست الدَّار يَا فَتى أَو قُمْت الْمَسْجِد أَو قُمْت الْبَيْت لم يجز لِأَن هَذِه مَوَاضِع مَخْصُوصَة لَيْسَ فِي الْفِعْل عَلَيْهَا دَلِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute