وَلَو قلت: هَذَا القَوْل لَا قولا لم يكن لهَذَا الْكَلَام معنى؛ لِأَنَّك إِنَّمَا تؤكد الأول بشئ تحقه، فَإِذا قلت: غير قيل بَاطِل، فقد أوجبت أَنه حق [فَإِذا قلت: لَا قَوْلك - فقد دللت على أَنه قَول بَاطِل، فعلى] هَذَا تؤكد وَمن ذَلِك: لَأَضرِبَن زيدا قسما حَقًا وَمن ذَلِك قَوْله:
(/ إنى لأمنحك الصدود وإننى ... قسما إِلَيْك مَعَ الصدود لأميل)
لما قَالَ: إنى لأمنحك الصدود، وإننى إِلَيْك لأميل - علم أَنه مقسم، فَكَانَ هَذَا بَدَلا من قَوْله: أقسم قسما وَاعْلَم أَن المصادر كَسَائِر الْأَسْمَاء، إِلَّا أَنَّهَا تدل على أفعالها فَأَما فى الْإِضْمَار والإظهار والإخبار عَنْهَا والاستفهام، فهى بِمَنْزِلَة غَيرهَا تَقول إِذا رَأَيْت رجلا فى ذكر ضرب: زيدا تُرِيدُ: زيدا اضْرِب، واستغنيت عَن قَوْلك: (إضرب) بِمَا كَانَ فِيهِ من الذّكر، فعلى هَذَا إِذا ذكر فعلا فَقَالَ: لَأَضرِبَن، قلت: نعم، ضربا شَدِيدا فَإِن لم يكن ذكر، وَلَا حَال دَالَّة - لم يكن من الْإِظْهَار بُد، إِلَّا أَن يكون مَوضِع أَمر، فتضمر، وَتصير الْمصدر بَدَلا من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فى الْأَمر والنهى خَاصَّة؛ لِأَنَّهُمَا لَا يكونَانِ إِلَّا بِفعل، فتأمر بِالْمَصْدَرِ نكرَة، وَمَعْرِفَة بِالْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة، وَلذَلِك مَوضِع آخر: وَهُوَ أَن يكون الْمصدر قد اسْتعْمل فى مَوضِع الْفِعْل حَتَّى علم مَا يُرَاد بِهِ / وَمن ذَلِك سقيا لزيد؛ لِأَن الدُّعَاء كالأمر، والنهى وَإِنَّمَا أردْت: سقى الله زيدا سقيا فَإِن قلت ذَلِك لم تحتج إِلَى قَوْلك: لزيد وَإِن قلت: سقيا قلت بعده: لفُلَان؛ لتبين مَا تعنى، وَإِن علم من تعنى فَإِن شِئْت أَن تحذفه حذفته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute