للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذا قلت: ادخُلُوا الأول فَالْأول، فَلَا سَبِيل عِنْد أَكثر النَّحْوِيين إِلَى الرّفْع؛ لِأَن الْبَدَل لَا يكون من الْمُخَاطب؛ لِأَنَّك لَو قدرته بِحَذْف الضَّمِير لم يجز فَأَما عِيسَى بن عمر فَكَانَ يُجِيزهُ، وَيَقُول: مَعْنَاهُ: ليدْخل الأول فَالْأول، وَلَا أرَاهُ إِلَّا جَائِزا على الْمَعْنى؛ لِأَن قَوْلك: / (ادخل) إِنَّمَا هُوَ: (لتدخل) فى الْمَعْنى وَقَرَأَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: (فَبِذَلِكَ فَلتَفْرَحُوا} فَإِذا قلت: ادخُلُوا الأول وَالْآخر، وَالصَّغِير، وَالْكَبِير - فالرفع؛ لِأَن مَعْنَاهُ: ادخُلُوا كلكُمْ فَهَذَا لَا يكون إِلَّا مَرْفُوعا، وَلَا يكون إِلَّا بِالْوَاو؛ لِأَن الْفَاء تجْعَل شَيْئا بعد شئ، وَالْوَاو تتصل على معنى قَوْلك: كلكُمْ أَلا ترى أَنَّك تَقول: مَرَرْت بزيد أَخِيك، وَصَاحِبك، فَتدخل الْوَاو على حد قَوْلك: زيد الْعَاقِل الْكَرِيم، وَكَذَلِكَ زيد الْعَاقِل، والكريم وَلَو قلت: الْعَاقِل فالكريم، أَو الْعَاقِل ثمَّ الْكَرِيم - لخبرت أَنه اسْتوْجبَ شَيْئا بعد شئ وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ يَقُول: جيد أَن تَقول: هَذَا خاتمك حديدا، وَهَذَا سرجك خَزًّا، وَلَا تَقول على النَّعْت: هَذَا خَاتم حَدِيد إِلَّا مستكرها - إِلَّا أَن تُرِيدُ الْبَدَل؛ وَذَلِكَ لِأَن حديدا وَفِضة وَمَا أشبه ذَلِك جَوَاهِر، قلا ينعَت بهَا؛ لِأَن النَّعْت تحلية وَإِنَّمَا يكون هَذَا نعتا مستكرها إِذا أردْت التَّمْثِيل وَتقول: هَذَا خَاتم مثل الْحَد، أى فى لَونه وصلابته، وَهَذَا رجل أَسد / أى: شَدِيد فَإِن أردْت السَّبع بِعَيْنِه لم تقل: مَرَرْت بِرَجُل أَسد أَبوهُ هَذَا خطأ، وَإِنَّمَا أجَاز سِيبَوَيْهٍ: هَذَا خاتمك حديدا، وَهُوَ يُرِيد الْجَوْهَر بِعَيْنِه؛ لِأَن الْحَال مفعول فِيهَا، والأسماء تكون مفعولة، وَلَا تكون نعوتا حَتَّى تكون تحلية وَهَذَا فى تَقْدِير الْعَرَبيَّة كَمَا قَالَ، وَلَكِن لَا أرى الْمَعْنى يَصح إِلَّا بِمَا اشتق من الْفِعْل، نَحْو: هَذَا زيد قَائِما؛ لِأَن الْمَعْنى أنبهك لَهُ فى حَال قيام وَإِذا قَالَ: هَذَا خاتمك حديدا، فالحديد لَازم فَلَيْسَ للْحَال هَاهُنَا مَوضِع بَين، وَلَا أرى نصب هَذَا إِلَّا على التَّبْيِين؛ لِأَن التَّبْيِين إِنَّمَا هُوَ بالأسماء فَهَذَا الذى أرَاهُ، وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ مَا حكيت لَك

<<  <  ج: ص:  >  >>