وَالْوَجْه الآخر: أَن (بل) لَا تأتى فى الْوَاجِب فى كَلَام وَاحِد إِلَّا للإضراب بعد غلط أَو نِسْيَان، وَهَذَا منفى عَن الله عز وَجل؛ لِأَنَّهُ الْقَائِل إِذا قَالَ: مَرَرْت بزيد غالطا فاستدرك، أَو نَاسِيا فَذكر، قَالَ: بل عَمْرو؛ ليضْرب عَن ذَلِك، وَيثبت ذَا وَتقول: عندى عشرَة بل خَمْسَة عشر على مثل هَذَا، فَإِن أَتَى بعد كَلَام قد سبق من غَيره فالخطأ إِنَّمَا لحق كَلَام الأول؛ كَمَا قَالَ الله عز وَجل: {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا} فَعلم السَّامع أَنهم عنوا الْمَلَائِكَة بِمَا تقدم من قَوْله: {وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} وَقَالَ: {أم اتخذ مِمَّا يخلق بَنَات} وَقَالَ: {ويجعلون لله مَا يكْرهُونَ} وَقَالَ: {بل عباد مكرمون} ، أى: بل هَؤُلَاءِ الَّذين ذكرْتُمْ أَنهم ولد عباد مكرمون وَنَظِير ذَلِك أَن تَقول للرجل: قد جَاءَك زيد، فَيَقُول: بل عَمْرو وَلَكِن مجَاز هَذِه الْآيَة عندنَا مجَاز مَا ذكرنَا قبل فى قَوْلك: ائْتِ / زيدا أَو عمرا أَو خَالِدا، تُرِيدُ: ايت هَذَا الضَّرْب من النَّاس، فَكَأَنَّهُ قَالَ - وَالله أعلم -: إِلَى مائَة ألف أَو زِيَادَة وَهَذَا قَول كل من نثق بِعِلْمِهِ وَتقول: وكل حق لَهَا علمناه أَو جهلناه تُرِيدُ توكيد قَوْلك: كل حق لَهَا، فكأنك قلت: إِن كَانَ مَعْلُوما، أَو مَجْهُولا فقد دخل فى هَذَا البيع جَمِيع حُقُوقهَا وَلها فى الْفِعْل خَاصَّة أُخْرَى نذكرها فى إِعْرَاب الْأَفْعَال إِن شَاءَ الله وجملتها أَنَّك تَقول: زيد يقْعد أَو يقوم يَا فَتى، وَإِنَّمَا أكلم لَك زيدا، أَو أكلم عمرا تُرِيدُ: أفعل أحد هذَيْن؛ كَمَا قلت فى الِاسْم: لقِيت زيدا أَو عمرا، وَأَنا ألْقى زيدا أَو عمرا، أى: أحد هذَيْن وعَلى القَوْل الثانى: أَنا أمضى إِلَى زيد، أَو أقعد إِلَى عَمْرو، أَو أتحدث، أى: أفعل هَذَا الضَّرْب من الْأَفْعَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute