للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد منهما في تكذيب الآخر ورفعه، لكن أهل العرف يستعملون ذلك فتكونان متناقضتين كما قلنا. هذا حاصل كلام المصنف وفيه نظر من وجوه, أحدها: أن هذا الدليل ينقلب على المستدل, بيانه أنه يصدق قولنا: زيد ضارب في الماضي فيصدق قولنا: إنه ضارب؛ لأن صدق المركب يستلزم صدق أجزائه, وإذا صدق أنه ضارب فلا يصدق ليس بضارب وإلا لاجتمع النقيضان، وكذلك أيضا تفعل بالنسبة إلى المستقبل فنقول: زيد ضارب غدا ... إلخ. الثاني: إذا كانت القضيتان مؤقتتين بالحال على ما قاله، وفرضنا أيضا القضية السالفة صادقة فتكون الموجبة المقيدة بالحال هي الكاذبة فلا يصدق قولنا: ضارب في الحال ولكن لا يلزم كذبه كذب المطلق الذي هو قولنا: ضارب وهو محل النزاع. الثالث: لا يخلو إما أن يكون المشتق المتنازع في صحة إطلاقه بعد الزوال المشتق منه هو المقيد بالحال كقولنا: ضارب في الحال، أم النزاع في مجرد الإطلاق العاري عن التقييد, فإن كان النزاع في الثاني, فبطلان الدليل المذكور واضح لكون القضية مطلقة واعتراض الخصم باق على حاله، وأما استعماله في التكاذيب فنحن نعلم ضرورة أن ذلك عند توافق المتخاطبين على إرادة زمان معين، وإن كان النزاع في المقيد بالحال وهو الذي يوافق جواب المصنف, فالاستدلال بنفيه باطل؛ لأنه مصادرة على المطلوب إذ هو محل النزاع. وبتقدير أن يكون المقصود ذلك فيصرح به في الدليل فنقول: لما صح ليس بضارب في الحال لم يصح ضارب في الحال, ولا نتكلف إقامته على الوجه الذي قرره حتى يورد عليه عن القضايا مطلقة فلا تتناقض فتتكلف إلى الجواب عنها بجواب غير محقق. الرابع أورده الآمدي في الأحكام وأخذه منه جماعة: أن الضارب في الحال أخص من مطلق الضارب, فقولنا: ليس بضارب في الحال نفي للأخص، ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم, فلا يلزم من صدقه صدق ليس بضارب، كقولنا: الحمار ليس بحيوان ناطق فإنه صادق مع أنه لا يصدق قولنا: إنه ليس بحيوان فإن قيل: إنما يكون ليس بضارب في الحال أخص من ليس بضارب أن لو كان في الحال متعلقا بضارب، ولا نسلم ذلك بل يجوز أن يكون متعلقا بليس ومعناه: ليس في الحال بضارب فيكون السلب مقيدا بقوله: في الحال فيكون أخص من قولنا: ليس بضارب؛ لأن السلب الأخص أخص من السلب المطلق والأخص يستلزم الأعم، والجواب: أنا لا نسلم أنه بعد انقضاء الضرب يصدق عليه أنه ليس في الحال بضارب؛ لأنه عين المتنازع فيه. وإلى هذا أشار في التحصيل بقوله: لا نسلم أن هذا سلب أخص أي: بالتنوين, بل سلب أخص أي: بالإضافة.

قال: "وعورض بوجوه, الأول: أن الضارب من له الضرب وهو أعم من الماضي, ورد بأنه أهم من المستقبل أيضا وهو مجاز اتفاقا. الثاني: أن النحاة منعوا عمل النعت الماضي ونوقض بأنهم أعملوا المستقبل أيضا. الثالث: أنه لو شرط لم يكن المتكلم ونحوه حقيقة, وأجيب بأنه لما تعذر اجتماع أجزائه اكتفى بآخر جزء. الرابع: أن المؤمن

<<  <   >  >>