لتلتوي على الأشياء بقوة, فشكل اليد على الاقتدار كشكل السرير مع الاضطجاع, وقد تقدم أنه سبب صوري فتكون اليد كذلك, فإطلاقها على القدرة من باب إطلاق اسم السبب الصوري على المسبب، وقد انعكس المثال على الإمام وأتباعه ومنهم المصنف فقالوا: كتسمية اليد قدرة والصواب: كتسمية القدرة يدا كما قررناه فاعتمده، واجتنب غيره وقد ذكره الإمام في المنتخب على الصواب، مثال تسمية الشيء باسم سببه الفاعلي قولهم: نزل السحاب يعنون المطر، فإن السحاب سبب فاعلي في المطر عرفا, كما تقول: الشمس تنضج الثمار هكذا مثل المصنف تبعا للحاصل، ومثل له الإمام بقولهم: نزل السماء، وأشار إلى قول الشاعر:
إذا نزل الغمام بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
وفيه نظر؛ فإن المطر فوقنا فهو سماء، والظاهر أنه مراد المصنف أيضا، وكأنه فهم أن المراد بالسماء المعبر بها عن المطر هو السحاب لا السماء المعهودة؛ لعدم تأثيرها في المطر فصرح به، ومثال تسمية الشيء باسم سببه الغائي قوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}[يوسف: ٣٦] أي: عنبا, فأطلق الخمر على العنب؛ لأنها العلة الغائية عندهم. النوع الثاني: علاقة المسببية وهو إطلاق اسم المسبب على السبب كتسمية المرض المهلك بالموت، وإذا تعارض الأمر بين العلاقة الأولى وهي إطلاق اسم السبب على المسبب، وبين الثانية وهي إطلاق اسم المسبب على السبب, فالأول أولى؛ لأن السبب المعين يدل على السبب المعين بخلاف العكس, ألا ترى أن البول مثلا يدل على انتقاض الوضوء, وانتقاض الوضوء لا يدل على البول, فقد يكون عن لمس أو غيره، فلما كان فهم المسبب عن السبب أقرب من عكسه كان أولى, وقد يقال: العكس أولى؛ لأن وجود المسبب بدون السبب محال، فالسبب لازم للمسبب، ولا ينعكس لجواز تخلف المسبب عن السبب، ثم إن العلة الأولى قد عرفت انقسامها إلى علل أربع، فإذا تعارضت فأولاها العلة الغائية لاجتماع علامتي السببية والمسببية فيها؛ لأنها علة في الذهن من جهة أن الخمر مثلا هو الداعي إلى عصير العنب، ومعلولة في الخارج؛ لأنها لا توجد إلى آخر كما قدمناه. والنوع الثالث: المتشابهة، وهي تسمية الشيء باسم ما يشابهه، إما في الصفة وهو ما أقصر عليه الإمام وأتباعه كإطلاق الأسد على الشجاع، أو في الصورة كإطلاقه على الصورة المنقوشة على الحائط، وهذا النوع يسمى المستعار لأنه لما أشبهه في المعنى أو الصورة استعرنا له اسمه فكسوناه إياه، ومنهم من قال: كل مجاز مستعار, حكاه القرافي. الرابع: المضادة, وهي تسمية الشيء باسم ضده، كقوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] فأطلق على الجزاء سيئة مع أن الجزاء حسن, ويمكن أن يكون من مجاز المشابهة كما قاله في المحصول١؛ لأن المماثلة شرط, ويمكن أن يكون أيضا حقيقة؛ لأنه يسوء