للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجاني, فالأولى التمثيل بالمفازة للبرّية المهلكة. الخامس: الكلية وهو إطلاق اسم الكل على الجزء كإطلاق القرآن على بعضه، ومثله الإمام وأتباعه بإطلاق العام على الخاص وفيه نظر، فإن العموم من باب الكلية لا من باب الكل، والفرد منه من باب الجزئية لا من باب الجزء كما تقدم إيضاحه في تقسيم الدلالة, لا جرم أن المصنف مثل بالقرآن وفيه نظر أيضا، فإن نزاعا تقدم في الكلام على الحقيقة الشرعية, فالأولى التمثيل بقوله تعالى: {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [نوح: ٧] أي: أناملهم. السادس: الجزئية, وهو إطلاق اسم الجزء على الكل، كإطلاق الأسود على الزنجي, فإن بياض عينيه وأسنانه من كونه حقيقة, واعلم أن هذا المثال ذكره الإمام وأتباعه فتابعهم المصنف وهو على عكس المدعي فإنه من باب تسمية الجزء باسم الكل كالقسم الذي قبله، وأيضا فالمفهوم من الأسود قيام السواد بظاهر جلده فقط، وأيضا فحمل المشتق على الشيء أعم من كونه ثابتا لكله أو بعضه بدليل الأعرج المكسور إحدى الرجلين، والصواب التمثيل بقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} والأول وهو إطلاق اسم الكل على الجزء أقوى من إطلاق اسم الجزء على الكل؛ لأن الكل يستلزم الجزء من غير عكس. السابع: الاستعداد وهو أن يسمى الشيء المستعد لأمر باسم ذلك الأمر كتسمية الخمر وهو في الدن بالمسكر, فإن الخمر في تلك الحالة ليس بمسكر بل مستعد له، وعبر الإمام عن هذا بتسمية إمكان الشيء باسم وجوده، وعبر عنه ابن الحاجب بتسمية الشيء باسم ما يؤول إليه. والثامن: تسمية الشيء باعتبار ما كان عليه سواء كان جامدا كإطلاق العبد على العتيق، أو مشتقا كالضارب على من فرغ من الضرب، وهذا النوع ساقط في كثير من النسخ اكتفاء بما تقدم في الاشتقاق. التاسع: المجاورة وهو تسمية الشيء باسم ما يجاوره كإطلاق الراوية على ظرف الماء وهو القربة, فإن الراوية لغة اسم للجمل أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه، كما قاله الجوهري، وأطلق على القربة لمجاورتها له. العاشر: الزيادة وهو أن ينتظم الكلام بإسقاط كلمة فيحكم بزيادتها كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] قال: الكاف زائدة تقديره: ليس مثله شيء إذ لو كانت أصلية لكان تقديره: ليس مثل مثله شيء؛ لأن الكاف بمعنى مثل وحينئذ فيلزم إثبات مثل الله تعالى وهو محال، ولك أن تقول: ليست الكاف زائدة وتجيب عما قالوه بوجهين، أحدهما: أن هذه قضية سالبة والسالبة تصدق بانتفاء الذات وبانتفاء النسبة, فإذا قلنا: ليس زيد في الدار يصدق ذلك بانتفاء زيد أو انتفاء الدار أو انتفاء حصوله فيها، فكذلك في الآية. الثاني: أن المثل يلزم منه بالضرورة أن يكون له مثل, فإن زيدا إذا كان مثلا لعمرو كان عمرو مثلا له أيضا وحينئذ فيلزم من نفي مثل المثل نفي المثل؛ لأنه يلزم من نفي اللازم نفي اللزوم, فإن قيل: فيلزم انتفاء ذات البارئ سبحانه وتعالى على هذا التقدير؛ لأنه من جملة الأمثال قلنا: لا يلزم فإن المراد نفي المثل عن الله تعالى لا نفيه تعالى، أو نقول: خص بالعقل. الحادي عشر: النقصان وهو

<<  <   >  >>