للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرمي بدونهما, وقد يكون هو الشرع كقوله: أعتق عبدك عني؛ فإنه يستلزم سؤال تمليكه حتى إذا أعتقه نبينا دخلوه في ملكه؛ لأن العتق شرعا لا يكون إلا في مملوك, وقد مثل في المحصول له بمثال فاسد فعدل عنه صاحب الحاصل والمصنف. وهذا القسم هو اللازم عن المفرد يسمى الاقتضاء أي: الخطاب يقتضيه, وأما اللازم عن المركب فهو قسمين أحدهما: أن يكون موافقا للمنطوق في الإيجاب والسلب، ويسمى فحوى الخطاب، أو معناه كما قال الجوهري. قال: وهو يمد ويقصر ويسمى أيضا تنبيه الخطاب ومفهوم الموافقة كقوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فإنه يدل أيضا على تحريم الضرب من باب أولى, فتحريم الضرب استفدناه من التركيب؛ لأن مجرد التأفيف لا يدل على تحريم الضرب ولا على إباحته بخلاف مجرد الرمي, فإنه يتوقف على القوس. وكقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: ١٨٧] إلى آخر الآية, فإنه يدل منطوقه على جواز المباشرة إلى الصبح، ويلزم منه صحة الصوم جنبا وهو ما بين الفجر إلى الغسل، إذ لو لم يكن كذلك لكان مقدار الغسل مستثنى من جواز المباشرة, ومثل المصنف بمثالين إشارة إلى معنيين, أحدهما: أن مفهوم الموافقة قد يكون أولى بالحكم من المنطوق كالمثال الأول, وقد يكون مساويا كالمثال الثاني، خلافا لابن الحاجب في اشتراطه الأولوية. الثاني ما قال الإمام في المحصول: وهو أن اللازم قد يكون من مكملات المعنى المنطوق كما في المثال الأول، وقد لا يكون كالثاني، ثم قال: والتمثيل بالتأفيف مبني على أن تحريم الضرب ليس من باب القياس، وعلى هذا فتمثيل المصنف به مناقض لما صححه في كتاب القياس فافهمه، وقد جعل ابن الحاجب دلالة الاقتضاء وجواز المباشرة إلى الصبح من دلالة المنطوق، قال: ولكن منطوق غير صريح بل لازم اللفظ، وجعل المصنف ذلك من المفهوم كما تقدم ولم يجعله الآمدي من المنطوق ولا من المفهوم، بل قسيما لهما، وكلام الإمام هنا ليس فيه تصريح بشيء. القسم الثاني: أن يكون مخالفا للمنطوق، ويسمى دليل الخطاب، ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة، وذلك كمفهوم الصفة ومفهوم الشرط ومفهوم الغاية ومفهوم العدد, وقد ذكر المصنف جميع ذلك عقب هذه المسألة إلا الغاية, فإنه أخرها إلى التخصيص وأهمل التصريح هنا بأمور بعضها يأتي في كلامه, وبعضها أذكره إن شاء الله تعالى.

قال: "الرابعة: تعليق الحكم بالاسم يدل على نفيه عن غيره, وإلا لما جاز القياس خلافا لأبي بكر الدقاق وبإحدى صفتي الذات مثل: "في سائمة الغنم الزكاة" يدل ما لم يظهر للتخصيص فائدة أخرى، خلافا لأبي حنيفة وابن سريج والقاضي وإمام الحرمين والغزالي. لنا أنه المتبادر من قوله -عليه الصلاة والسلام: "مطل الغني ظلم" ١ ومن ونحو قولهم: الميت


١ أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد "٤/ ٨٥"، والهندي في كنز العمال رقم الحديث "١٣٢٦"، والمنذري في الترغيب والترهيب "٢/ ٦٠٩".

<<  <   >  >>