المقيدة على الخصوص يكون استعمالا له في غير ما وضع له هذا لفظه. الثالث وهو دليل على إبطال التكرار خاصة: أنه لو كان للتكرار لعم الأوقات كلها؛ لعدم أولوية وقت دون وقت والتعميم باطل بوجهين أحدهما: أنه تكليف بما لا يطاق. الثاني: أنه يلزم بنسخه كل تكليف يأتي بعده لا يمكن أن يجامعه في الوجود؛ لأن الاستغراق الثابت بالأول يزول بالاستغراق الثابت بالثاني، وليس كذلك. واحترز بقوله: لا يجامعه عن نحو الصوم مع الصلاة، ولك أن تقول: قد تقدم أن القائل بالتكرار يقول: إنه بشرط الإمكان فلا يرد ما قاله من التكليف بما لا يطاق. قال:"قيل: تمسك الصديق على التكرار بقوله تعالى: {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} من غير نكير قلنا: لعله -عليه الصلاة والسلام- بين تكراره وقيل: النهي يقتضي التكرار، فكذلك الأمر, قلنا: الانتهاء أبدا ممكن دون الامتثال, قيل: لو لم يتكرر لم يرد النسخ, قلنا: وروده قرينة التكرار, قيل: حسن الاستفسار دليل الاشتراك, قلنا: قد يستفسر عن أفراد المتواطئ". أقول: احتج من قال بأن الأمر يفيد التكرار بثلاثة أوجه الأول: أن أهل الردة لما منعوا الزكاة تمسك أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وجوب تكرارها بقوله تعالى: {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. قال في المحصول: فكان ذلك إجماعا منهم على أنها للتكرار والجواب أنه لعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بين للصحابة أن هذه الآية للتكرار, فإن قيل: الأصل عدمه قلنا: لما أجمعوا على التكرار مع أن الصيغة المجردة لا تقتضي ذلك كما بيناه تعين ما قلناه جمعا بين الأدلة, وهذا الدليل وجوابه يقتضيان أن الإمام يسلم أن ذلك إجماع وهو مناقض لما سيأتي من كونه ليس بإجماع ولا حجة. الثاني: النهي يقتضي التكرار فكذلك الأمر قياسا عليه والجامع أن كلا منهما للطلب, وجوابه أن الانتهاء عن الشيء أبدا ممكن؛ لأن فيه بقاء على العدم وأما الاشتغال به أبدا فغير ممكن, وهذا الكلام من المصنف مناقض لقوله بعد ذلك: إن النهي كالأمر في التكرار والفور. الثالث: لو لم يدل على التكرار بل دل على المرة, لم يجز ورود النسخ؛ لأن وروده إن كان بعد فعلها فهو محال لأنه لا تكليف وإن كان قبله فهو يدل على البداء وهو ظهور المصلحة بعد خفائها أو بالعكس, وهو على الله تعالى محال. ولكن ورود النسخ جائز فدل على أنه للتكرار, وجوابه أن النسخ لا يجوز وروده على الأمر الذي يقتضي مرة واحدة، ولكن إذا ورد على الأمر المطلق صار ذلك قرينة في أنه كان المراد به التكرار، وحمل الأمر على التكرار لقرينة جائز، هكذا ذكره في المحصول فتبعه عليه المصنف. ولك أن تقول: إن صح هذا الجواب فيلزم أن لا يكون جواز الاستثناء دليلا على العموم البتة، لا مكان دعواه في كل استثناء وذلك مبطل؛ لقوله بعد ذلك: ومعيار العموم جواز الاستثناء. وأيضا فهو مناقض لقولهم: إن النسخ قبل الفعل جائز لا سيما أنهم استدلوا عليه بقصة إبراهيم مع أن الذبح يستحيل تكراره. وأيضا فيلزم منه التكليف بما لا يعلمه الشخص. قوله:"قيل: حسن الاستفسار" أي: استدل من قال بأن الأمر مشترك بين التكرار والمرة بأنه