للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن عمومه لا يقتضي أن يتناول مفهوميه معا وقل من قرره على وجهه, فاعتمد ما ذكرته فإنه عزيز مهم، وإياك وما وقع للأصفهاني والقرافي في شرحيهما للمحصول. التقرير الثاني: أنه قد تقدم أنه يجوز استعمال اللفظ في حقيقته كالعين وفي حقيقته ومجازه كالأسد, وحينئذ فيصدق أن يقال: إنه لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له وليس بعام أما الأسد ونحوه فلا خلاف, وأما العين ونحوها فعلى الأصوب كما تقدم، فأخرجه بقوله: بوضع واحد, وفي الحد نظر من وجوه, أحدها: أنه عرف العام بالمستغرق وهما لفظان مترادفان وليس هذا حدا لفظيا حتى يصح التعريف به بل حقيقيا أو رسميا أورده الآمدي في الأحكام. الثاني: أنه يدخل فيه الفعل الذي ذكر معه معمولاته من الفاعل والمفعول وغيرهما نحو ضرب زيد عمرا، وأورده أيضا الآمدي وكذلك ابن الحاجب. الثالث: النقض بأسماء الأعداد فإن لفظ العشرة مثلا صالح لعدد خاص وذلك العدد له أفراد وقد استغرقها, وأورده ابن الحاجب. الرابع: أنه أخذ في تعريف العام لفظة جميع وهو من جملة المعروف, وأخذ المعرف قيدا في المعرف باطل لما علم في علم المنطق.

وأورده الأصبهاني شارح المحصول وهذه الأسئلة قد يجاب عن بعضها بجواب غير مرضٍ لكونه عناية في الحد، نعم قولنا: ضرب زيد عمرا لم يستغرق جميع ما يصلح له؛ لأنه غير شامل لجميع أنواع الضرب. قال: "الأولى: أن لكل شيء حقيقة هو بها هو, فالدال عليها المطلق, وعليها مع وحدة معينة المعرفة, وغير معينة النكرة، ومع وحدات معدودة العدد، ومع كل جزئياتها العام". أقول: غرضه الفرق بين المطلق والنكرة والمعرفة والعام والعدد، فإن بعضهم يرى أن المطلق هو النكرة كما حكاه في المحصول١، وحاصله أن لكل شيء حقيقة أي: ماهية ذلك الشيء بها، أي: بتلك الحقيقة يكون ذلك الشيء؛ فالجسم الإنساني مثلا له حقيقة وهي الحيوان الناطق, وذلك الجسم بتلك الحقيقة إنسان، فإن الإنسان إنما يكون إنسانا بالحقيقة وتلك الحقيقة مغايرة لما عداها سواء كان ما عداها ملازما لها كالوحدة والكثرة, أو مفارقا كالحصول في الحيز المعين. فمفهوم الإنسان من حيث هو إنسان لا واحد ولا كثير لكون الوحدة والكثرة مغايرة للمفهوم من حقيقته، وإن كان لا يخلو عنه، إذا عرفت هذا فنقول: اللفظ الدال عليها أي: على الحقيقة فقط هو المطلق كقولنا: الرجل خير من المرأة, والدال عليها مع وحدة أي: مع الدلالة على كونه واحدا, إما بالشخص أو بالنوع أو بالجنس إن كان معينا فهو المعرفة كزيد وإن كان غير معين فهو النكرة كقولك: مررت برجل، وهذان القسمان لم يذكرهما الإمام, بل ذكرهما صاحب الحاصل وصاحب التحصيل فتبعهما المصنف، والدال على الماهية مع وحدات أي: مع كثرة


١ انظر المحصول، ص٢٨٧، جـ١.

<<  <   >  >>