بنفسه أي: من غير احتياج إلى قرينة، وحينئذ فإما أن يكون عاما في كل شيء سواء كان من أولي العلم أو غيرهم كأن تقول: أي رجل جاء, وأي ثوب لبسته، وكذا كل وجميع والذي والتي ونحوها وكذا سائرها إن كانت مأخوذة من سور المدينة وهو المحيط به, وبه جزم الجوهري وغيره، فإن كانت مأخوذة من السؤر بالهمزة وهو البقية فلا يعم وهو الصحيح، وفي الحديث "وفارق سائرهن" أي: باقيهن وشرط أي أن تكون استفهامية أو شرطية، فإن كانت موصولة نحو: مررت بأيهم قام أي: بالذي, أو صفة نحو: مررت برجل أي رجل بمعنى كامل, أو حالا نحو: مررت بزيد أي رجل بفتح أي بمعنى كامل أيضا، أو منادى نحو:"يا أيها الرجل" فإنها لا تعم، وإما أن يكون عاما في العالمين خاصة أي: أولي العلم, كمن قال: الصحيح أنها تعم الذكور والإناث والأحرار والعبيد، وقيل: تعم شرعا الذكور الأحرار فقط، وشرطها أن تكون شرطية أو استفهامية, فإن كانت نكرة موصوفة نحو: مررت بمن معجب لك, بجر معجب أي: رجل معجب، أو كانت موصولة نحو: مررت بمن قام أي: بالذي قام فإنها لا تعم. ونقل القرافي عن صاحب التلخيص أن الموصولة تعم، وليس كذلك فقد صرح بعكسه، ونقله عنه الأصفهاني في شرح المحصول والعالمين هنا بكسر اللام, وإنما عدل عن التعبير بمن يعقل وإن كانت هي العبارة المشهورة، إلى التعبير بأولي العلم لمعنى حسن غفل عنه الشارحون, ذكره ابن عصفور في شرح المقرب وغيره، وهو أن من يطلق على الله تعالى كقوله تعالى:{وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}[الحجر: ٢٠] وكذلك أي: كقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ}[الأنعام: ١٩] والبارئ سبحانه وتعالى يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل, فلو عبر به لكان تعبيرا غير شامل، وإما أن يكون عاما في غير أولي العلم وهو ما، نحو: اشتر ما رأيت, فلا يدخل فيه العبيد والإماء، وفيه خلاف يأتي ذكره بدليله في تأخير البيان إن شاء الله تعالى, لكن إذا كانت ما نكرة موصوفة نحو: مررت بما معجب لك أي بشيء، أو كانت غير موصوفة نحو: ما أحسن زيدا, فإنها لا تعم، وإما أن يكون عاما في الأمكنة خاصة نحو: أين تجلس أجلس، وإما في الأزمنة نحو: متى تجلس أجلس، وقيد ابن الحاجب ذلك بالزمان المبهم كما مثلناه، حتى لا يصح أن تقول: متى زالت الشمس فأتمنى، ولم أر هذا الشرط في الكتب المعتمدة، ولقائل أن يقول: لو كانت هذه الصيغ للعموم لكان إذا قال لامرأته: متى قمت أو حيث قمت أو أين قمت فأنت طالق يقع عليه الثلاث كما لو قال: كلما وليس كذلك. وقوله:"أو بقرينة" هذا هو الحال الثاني، وهو أن يكون عمومه مستفادا من اللغة لكن بقرينة وتلك القرينة قد تكون في الإثبات، وهي أل والإضافة الداخلان على الجمع كالعبيد وعبيدي، وعلى المفرد، وهو الذي عبر عنه المصنف باسم الجنس، كقوله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}[الإسراء: ٣٢]{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور: ٦٣] لكن إن كانت أل عهدية فإن تعميمها لأفراد المعهودين خاصة،