للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال في المحصول: والضمير العائد على اسم حكمه حكم ذلك الاسم في العموم وعدمه، وهنا أمور, أحدها: أن هذه القرينة قد تفيد العموم في النفي أيضا نحو: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: ٢٢١] الثاني: أن العموم فيما تقدم يختلف, فالداخل على اسم الجنس يعم المفردات، وعلى الجمع يعم الجموع؛ لأن أل تعم أفراد ما دخلت عليه، وقد دخلت على جمع، وكذلك الإضافة. وفائدة هذا أنه يتعذر الاستدلال به في حالة النفي أو النهي على ثبوت حكمه لمفرداته، إنما حصل النفي أو النهي عن أفراد المجموع، والواحد ليس بجمع، وهو معنى قولهم: لا يلزم من نفي المجموع نفي كل فرد، ولا من النهي عنه النهي عن كل فرد, فإن قيل: يعارض هذا إطلاقهم أن العموم من باب الكلية فإن معناه ثبوته لكل فرد, سواء كان نفيا أم لا كما تقدم بسطه في تقسيم الدلالة. قلنا: لا تنافي بينهما, فإنا قد أثبتناه لكل فرد من أفراد ما دخل عليه وهو المجموع. الثالث: لم يصرح الإمام وأتباعه بحكم المفرد المضاف هنا, نعم صرحوا بعمومه في الكلام على أن الأمر للوجوب فإنهم قد استدلوا عليه بقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ} الآية, فأورد الخصم أن أمره لا يعم فأجابوا بأنه عام لجواز الاستثناء كما تقدم، ونقله القرافي هنا عن صاحب الروضة، وأما المفرد المعرف بأل فذكره الإمام في كتبه وصحح هو وأتباعه أنه لا يعم، وصحح المصنف وابن الحاجب عكسه, وصححه ابن برهان في الوجيز, ونقله الإمام عن الفقهاء والمبرد والجبائي, ونقله الآمدي عن الشافعي -رحمه الله- والأكثرين، ورأيت في نصه في الرسالة نحوه أيضا، فإنه نص على أن الأرض من قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الزمر: ٥] من الألفاظ العامة التي أريد بها العموم، ثم نص على أن قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} و {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} ونحوهما من العام الذي خص ورأيت في البويطي نحوه أيضا فإنه جعل قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] من العام المخصوص، ولك أن تقول: لم لا؟ قال الشافعي رحمه الله بوقوع الثلاث على من حلف بالطلاق المعرف، وقد يجاب بأن هذا يمين فيراعى فيه العرف لا اللغة. قوله: "أو النفي" تقديره أو بقرينة في النفي، وهو معطوف على قوله في الإثبات وحاصله أن النكرة في سياق النفي تعم سواء باشرها النفي نحو: ما أحد قائم أو باشر عاملها نحو: ما قام أحد، وسواء كان النافي ما أو لم أو لن أو ليس أو غيرها، ثم إن كانت النكرة صادقة على القليل والكثير كشيء، أو ملازمة للنفي نحو: أحد، أو داخلا عليها من نحو: ما جاء من رجل، أو واقعة بعد لا العاملة عمل إن وهي لا التي لنفي الجنس, فواضح كونها للعموم، وما عدا ذلك نحو: لا رجل قائما، وما في الدار رجل، ففيه مذهبان للنحاة, الصحيح أنها للعموم أيضا كما اقتضاه إطلاق المصنف وهو مذهب سيبويه, وممن نقله عنه شيخنا أبو حيان في حروف الجر، ونقله من الأصوليين إمام الحرمين في البرهان في الكلام على معاني الحروف لكنها ظاهرة في العموم لا نص، قال إمام الحرمين:

<<  <   >  >>