استدلال شائع من غير نكير فكان إجماعا، وبيانه أنهم قد استدلوا بعموم اسم الجنس المحلى بأل كقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}[النور: ٢] وبعموم الجمع المضاف، فإن فاطمة احتجت على أبي بكر -رضي الله عنهما- في توريثها من النبي -صلى الله عليه وسلم- الأرض المعروفة وهي فدك والعوالي بقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}[النساء: ١١] الآية, واستدل أيضا أبو بكر بعمومه فإنه رد على فاطمة بقوله -صلى الله عليه وسلم:"نحن معاشر الأنبياء لا نورث, ما تركناه صدقة" وهذا الحديث معزوّ إلى الترمذي في غير جامعه, والثابت في الصحيحين:"لا نورث, ما تركناه صدقة" واستدل عمر -رضي الله عنه- بعموم الجمع المحلى، فإنه قال لأبي بكر حين عزم على قتال مانعي الزكاة: كيف تقاتلهم وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"؟! فقال أبو بكر: أليس أنه قال: "إلا بحقها"؟ وتمسك أيضا أبو بكر فإن الأنصار لما قالوا للمهاجرين: منا أمير ومنكم أمير رد عليهم أبو بكر بقوله -صلى الله عليه وسلم:"الأئمة من قريش" رواه النسائي. قال:"الثالثة: الجمع المنكر لا يقتضي العموم؛ لأنه يحتمل كل أنواع العدد، قال الجبائي: حقيقة في كل أنواع العدد, فيحمل على جميع حقائقه, قلنا: لا, بل في القدر المشترك". أقول: الجمع المنكر أي: إذا لم يكن مضافا لا يقتضي العموم خلافا لأبي علي الجبائي, لنا أن رجالا مثلا يحتمل كل نوع من أنواع العدد بدليل صحة تقسيمه إليه، وتفسير الإقرار به وإطلاقه عليه ووصفه به، كرجال ثلاثة وعشرة، ومورد التقسيم وهو الجمع أعم من أقسامه ضرورة، فيكون الجمع أعم، وكل فرد أخص, والأعم لا يدل على الأخص، ولا يستلزمه فلا يحمل عليه، وقوله في كل أنواع العدد أي: من الثلاثة فصاعدا وإلا فيرد الاثنان، وأما الواحد فلا يرد لأنه لا يسمى عددا عند أهل الحساب بل العدد ينشأ عنه، واحتج الجبائي بأنه لما ثبت أنه يطلق على كل نوع كان مشتركا؛ لأن الأصل في الإطلاق الحقيقة، وحينئذ فيحمل على جميع حقائقه احتياطا كما ذكرناه في باب الاشتراك, وقد تقدم هناك من كلام المصنف أن أبا علي الجبائي ممن جوز استعمال المشترك في معنييه، لكنه لا يلزم منه الحمل كما تقدم، فاستفدنا من هنا أنه يقول بالحمل أيضا، والجواب: أنا لا نسلم أنه حقيقة في كل نوع بخصوصه حتى يكون مشتركا، بل حقيقة في القدر المشترك بين الكل وهو الثلاثة مع قطع النظر عن الزائد عليها كما قاله في المحصول؛ لأنا بينا أنه لا يدل على الأنواع فكيف يكون حقيقة فيها، وأيضا للفرار من الاشتراك، ولك أن تقول: هذا الكلام يقتضي أن رجالا أقلهم ثلاثة, وليس كذلك؛ لأنه جمع كثرة، والأصل في مدلوله وهو المشترك بين جموع الكثرة كلها إنما هو أحد عشر باتفاق النحاة. قال: "الرابعة: قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الحشر: ٢٠] يحتمل نفي الاستواء من كل وجه, ومن بعضه فلا ينفي الاستواء من كل وجه؛ لأن الأعم لا يستلزم الأخص، وقوله: لا آكل, عام في كل مأكول فيحمل على التخصيص، كما لو قيل: لا آكل أكلا، وفرق أبو حنيفة بأن أكلا يدل