جموع الكثرة فأقلها أحد عشر فلا نزاع عند النحاة، وإن استعملت في الأقل كانت مجازا ولم يبق إلا جموع القلة وهي خمسة أشياء، أربعة منها من جموع التكسير يجمعها قول الشاعر:
بأفعل وبأفعال وأفعلة ... وفعلة يعرف الأدنى من العدد
والخامس: هو جمع السلامة سواء كان مذكرا كمسلمين, أو مؤنثا كمعلمات فإن كانت -أعني جموع القلة- هي محل الخلاف فالأمر قريب, لكنهم لما مثلوا لم يقتصروا عليه بل مثلوا برجال مع أنه من جموع الكثرة. هكذا صرح به الإمام في المحصول في الكلام على أن الجمع المنكر هل يعم أم لا؟ وكذلك الآمدي وابن الحاجب كما تقدم نقله عنهما. قوله: وفي غيره إلى الواحد أي: في غير الجمع وقد تقدم شرحه وشرح ما بعده. قال:"الرابعة: العام المخصص مجاز وإلا لزم الاشتراك, وقال بعض الفقهاء: إنه حقيقة، وفرق الإمام بين المخصص المتصل والمنفصل؛ لأن المقيد بالصفة لم يتناول غيرا، قلنا: المركب لم يوضع, والمفرد متناول". أقول: اختلفوا في العام إذا خص: هل يكون حقيقة في الباقي أم لا؟ على ثمانية مذاهب حكاها الآمدي وذكر المصنف منها ثلاثة, أصحها عنده وعند ابن الحاجب أنه مجاز مطلقا؛ لأنه قد تقدم أنه حقيقة في الاستغراق، فلو كان حقيقة في البعض أيضا لكان مشتركا والمجاز خير من الاشتراك. والثاني: أنه حقيقة مطلقا ونقله إمام الحرمين عن جماهير الفقهاء وابن برهان عن جماهير العلماء؛ لأن تناوله للباقي قبل التخصيص كان حقيقة وذلك التناول باق، والجواب أنه إنما كان حقيقة لدلالته عليه وعلى سائر الأفراد لا عليه وحده. والثالث قاله الإمام تبعا لأبي الحسين البصري: إن خص بمتصل أي: بما لا يستقل كان حقيقة سواء كان صفة أو شرطا أو استثناء أو غاية نحو: أكرم الرجال العلماء أو أكرمهم إن دخلوا أو أكرمهم إلا زيدا, أو أكرمهم إلى المساء, وإن خص بمنفصل أي: بما يستقل كان مجازا كالنهي عن قتل العبيد بعد الأمر بقتل المشركين, فإنه قلنا: إنه مجاز, ففي الاحتجاج به مذهبان حكاهما ابن برهان. قوله:"لأن المقيد بالصفة" هذا دليل الإمام، ويمكن تقريره على وجهين أحدهما: أن العام المقيد بالصفة مثلا لم يتناول غير الموصوف, إذ لو تناوله لضاعت فائدة الصفة, وإذا كان متناولا له فقط، وقد استعمل فيه فيكون حقيقة بخلاف العام المخصوص بدليل متصل فإن لفظه متناول للمخرج عنه بحسب اللغة مع أنه لم يستعمل فيه فيكون مجازًا, وإلا لزم الاشتراك كما تقدم وهذا التقرير ذكره في الحاصل وهو الذي يظهر من كلام المصنف والتعبير بالصفة للتمثيل لا للتقيد. التقرير الثاني وهو ما ذكره في المحصول: أن لفظ العموم حال انضمام الصفة مثلا إليه ليس هو المقيد لذلك البعض المنطوق به؛ لأن الرجال وحده من قولنا: الرجال العلماء، أو أفاد العالمين لما أفادت الصفة شيئا، وإذا لم يكن مقيدا لذلك البعض استحال أن يقال: إنه مجاز فيه بل المجموع الحاصل من لفظ العموم ولفظ الصفة هو