زيد فقال الشافعي: يكون إثباتا لقيام زيد، وقال أبو حنيفة: لا يكون إثباتا له بل دليلا على إخراجه عن المحكوم عليهم وحينئذ فلا يلزم منه الحكم بالقيام، أما من جهة اللفظ فلأنه ليس فيه على هذا التقدير ما يدل على إثباته كما قلنا، وأما من جهة المعنى فلأن الأصل عدمه، قالوا بخلاف الاستثناء من الإثبات فإنه يكون نفيا؛ لأنه لما كان مسكوتا عنه، وكان الأصل هو النفي حكمنا به فعلى هذا لا فرق عندهم في دلالة اللفظ بين الاستثناء من النفي والاستثناء من الإثبات، واختار الإمام في المعالم الاقتران بالطهور في الجملة كذا قال الفاضل, وهذا معنى ما قيل أن التقدير لا صحة لصلاة بشيء إلا بطهور في بعض الصور وهي صورة استجماع الشرائط والأركان وما قال الخنجي من أن عدم الصلاة في بعض الصور لا ينفي أن يكون الاستثناء من النفي إثباتا بل هو إثبات في صورة الاستجماع، وما يقال من أنا إذا قلنا بصحة الصلاة الملصقة بالطهور لزم عموم الحكم في كل صلاة كذلك لعموم النكرة الموصوفة بصفة عامة في: لا أجالس إلا رجلا عالما، ولدلالة الكلام على أن علة الصحة هي الوصف المذكور فضعيف؛ لأن الأول ممنوع إذ هو مبني على الثاني، والثاني مختص بما إذا كان الوصف صالحا للاستقلال بالعلية ولم يعارضه قاطع. كذا ذكره الفاضل لكن بقي ما ذكره الفنري وهو أنه لو كان المعنى صحة صلاة بطهور أو ثبوتها عند الاقتران به في الجملة يفيد المبالغة المقصودة بهذا الاستثناء؛ لأن سائر الشروط كذلك، اللهم إلا أن يلتزم عدم وروده للمبالغة. المسألة "الثالثة": الاستثناءات "المتعددة إن تعاطفت" كقولنا: زيد على عشرة إلا أربعة وإلا ثلاثة "أو استغرق" الاستثناء "الأخير الأول" بأن لا يكون الأخير ناقصا عنه كقوله: علي عشرة إلا أربعة إلا خمسة "عادت" الاستثناءات المتعددة بأسرعها في الصورتين "إلى المتقدم عليها" وهو المستثنى منه. أما في الأول فلوجوب تساوي المعطوف مذهب أبي حنيفة وفي المحصول والمنتخب مذهب الشافعي. دليلنا أنه لو لم يكن إثباتا لم يكف لا إله إلا الله في التوحيد؛ لأن التوحيد هو نفي الإلهية عن غير الله تعالى وإثباتها له، فإذا لم يدل هذا اللفظ على إثبات الإلهية له تعالى بل كان ساكتا عنه فقد فات أحد شرطي التوحيد، وأجاب في المعالم بأن إثبات الإلهية له سبحانه مقرر في بداءة العقول والمقصود نفي الشريك. احتج أبو حنيفة بمثل قوله -عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة إلا بطهور" وتقديره: لا صحة للصلاة إلا بطهور فلو كان الاستثناء من النفي إثباتا لكان كلما وجد الطهور توجد الصحة وليس كذلك, فإنها قد لا تصح لفوات شرط آخر، ولم يجب الإمام على هذا الدليل لا في المحصول ولا في المنتخب وهو حديث غير معروف، وبتقدير صحته فجوابه من ثلاثة أوجه, أحدها: وهو ما ذكره المصنف أن الحصر قد يؤتى به للمبالغة لا للنفي عن الغير كقوله: "الحج عرفة" وههنا كذلك؛ لأن الطهارة لما كان أمرها متأكدا صارت كأنه لا شرط الصحة غيرها حتى إذا وجدت توجد الصحة. الثاني ما قاله صاحب التحصيل