بصورة وهو الكفر ونحوه مما لا خلاف فيه. والجواب: أنه يقتضي العموم لما فيه من الإضافة ويدل عليه أنه يصح الاستثناء منه فيقال: إلا سبيل كذا والاستثناء معيار العموم. واعلم أن إضافة {غَيْرَ} ليست للتعريف على المشهور, وفي التعميم بمثلها نظر يحتاج إلى تأمل، فقد يقال: إن هذه الإضافة لا تقتضيه، ويكون العموم تابعا للتعريف كما كان الإطلاق تابعا للتنكير، وكما لو زيدت لام التعريف في الجمع من الجموع, فإنها لا تقتضي التعميم لعدم التعريف. الرابع: لا نسلم أن السبيل هو قول أهل الإجماع بل دليل الإجماع، وبيانه: أن السبيل لغة هو الطريق الذي يمشى فيه, وقد تعذرت إرادته هنا فتعين الحمل على المجاز، وهو إما قول أهل الإجماع, أو الدليل الذي لأجله أجمعوا، والثاني أولى لقدم العلاقة بينه وبين الطريق، وهو كون كل واحد منهما موصلا إلى المقصد. وأجاب المصنف بأن السبيل أيضا يطلق على الإجماع؛ لأن أهل اللغة يطلقونه على ما يختاره الإنسان لنفسه من قول أو فعل, ومنه قوله تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}[يوسف: ١٠٨] وإذا كان كذلك فحمله على الإجماع أولى لعموم فائدته, فإن الإجماع يعمل به المجتهد والمقلد، وأما الدليل فلا يعمل به سوى المجتهد، وهذا الجواب ذكره صاحب الحاصل فتبعه المصنف، وهو أحسن مما قاله الإمام. وفي كثير من النسخ التي اعتمد عليها جمع من الشارحين, جواب غير هذا وهو أنه يلزم منه أن تكون مخالفة سبيل المؤمنين هي المشاقة؛ لأن دليل الإجماع هو الكتاب والسنة, وهذا الجواب سيأتي في كلام المصنف جوابا عن سؤال آخر, لكن على تقدير آخر, فسقط ذلك السؤال مع جواب السؤال الذي نحن الآن فيه. الخامس: لا نسلم أنه يجب اتباع سبيل المؤمنين في كل شيء, بل في السبيل الذي صاروا به مؤمنين، ويدل عليه أن الآية الكريمة نزلت في رجل ارتدّ ولأنه إذا قيل: لا تتبع غير سبيل الصالحين فهم منه المنع من ترك الأسباب التي بها صاروا صالحين دون غيرها، كالأكل والشرب، وأجاب المصنف بأنه يلزم حينئذ أن تكون مخالفة سبيل المؤمنين هي المشاقة فإنه لا معنى لمشاقة الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلا ترك الإيمان، وسمي بذلك لأنه في شق أي: في جانب، والرسول صلى الله عليه وسلم في جانب آخر. فلو حمل على هذا للزم التكرار. السادس: سلمنا تحريم اتباع غير سبيل المؤمنين, لكن لا نسلم وجوب اتباع سبيلهم، وقولهم: إنه لا مخرج عنها ممنوع, فإن بينهما واسطة وهي أن يترك الاتباع أصلا ورأسا، فلا يتبع سبيل المؤمنين ولا سبيل غيرهم، والجواب: أن ترك الاتباع بالكلية غير سبيلهم أيضا فمن اختاره لنفسه قفد اتبع غير سبيلهم، وهذا الجواب لم يذكره الإمام ولا صاحب الحاصل وفيه نظر؛ فإن اتباع الغير هو إثباته بمثل فعله لكونه أتى به, فمن ترك اتباع سبيل المؤمنين لأجل أن غير المؤمنين تركوه كان متبعا غير سبيل المؤمنين, وأما عن تركه لعدم الدليل على اتباع المؤمنين فلا يكون متبعا لأحد، وحينئذ فلا يدخل تحت الوعيد، وأجاب الإمام بجواب آخر وهو