للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} . وأورد مثال الرقيق ممن الألفاظ قوله تعالى: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى، أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} .

٥- وكما يكون الوصف حسيًّا يتناول مظاهر الأشياء ثابتة ومتحركة كذلك يتناول النواحي المعنوية، كالفضائل النفسية والعواطف النبيلة والآلام المبرحة، والآمال البهيجة، وما يدور في النفس من شك ويقين، ومن أمثلة ذلك ما كتبه طه حسين في وصف الفيلسوف الحائر "ثم يخيل إلى الفتى كأن عقله قد وقف عن التفكير، وكأن قلبه قد عجز عن الشعور حينا، كأن في نفسه شيئًا يشبه النوم، وليس بالنوم، وكأنه يسمع الصوت الغليظ الخشن وهو يبعث في الفضاء قهقهة عالية ملؤها السخرية والاستهزاء. فيعود الفتى إلى شعوره الأليم وتفكيره العقيم، وإذا هو يسأل نفسه مرة أخرى فيها سخرية مرة واستهزاء حزين فهو يسأل نفسه ألا يمكن أن يكون هذا الصوت: ما هو؟ وما عسى أن يكون؟ وترتسم على ثغره ابتسامة أخرى عن هذا الصوت الذي أغراه بالعودة صوت إله من هؤلاء الآلهة القدماء الذين كان يعبدهم، ويقبل عليهم في المدينة مع صاحبيه ثم لم يلبث أن شك فيهم وتنكر لهم وأعرض عنهم، واستجاب لصديقه الشيخ وجعل يبحث عن آله جديد دون أن يبلغه أو يهتدي إليه، فأضاع نفسه بين قديم كان يعرفه، وجديد لا يألفه"١.

وللجاحظ قطع رائعة من هذا الضرب منبثة في البخلاء والحيوان٢.


١ على هامش السيرة ج١٣١.
٢ من ذلك وصف قاضي البصرة ج٣ ص١٠٦ من كتاب الحيوان.

<<  <   >  >>