للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: قوة الأسلوب]

[مدخل]

...

[الفصل الثاني: قوة الأسلوب]

إذا كان الوضوح ألزم صفات الأسلوب وأولاها بالرعاية -لأنه يحقق الغاية الأساسية، وهي الإفهام- فإننا نلاحظ أن الفنون الأدبية التي يغلب فيها الوضوح هي النصوص القائمة على المعاني العقلية لقصد الثقافة كالقانون، والفلسفة، والجغرافيا.

ولكننا أحيانًا لا نقتصر فيما نكتب على نشر الحقائق وإنما نعني كذلك أو أكثر من ذلك بإيقاظ العقول الخامدة وبعث الشعور والحماسة، وإثارة العواطف في نفوس الناس، وبذلك نهب للأفكار حياة أقوى من حياتها العقلية، لتكون ممتعة مؤثرة، فهذه الحياة هي التي تسمى القوة.

نلاحظ إذًا أن القوة صفة نفسية، تنبع أول أمرها من نفس الأديب الذي يجب أن يكون نفسه متأثرًا منفعلًا إذا شاء من قرائه حماسة وانفعالا، وهي لذلك صفة العاطف والإرادة والأخلاق قبل أن تكون صفة الأسلوب؛ فالكاتب الذي يدرك الحقائق بوضوح، ويعتقدها بصدق، ويحرص على إذاعتها، تجد في عبارته صدى ذلك، وهي قوة لا تكون بالتقليد والتصنع، وإنما هي من قوة الأخلاق وصدق العقيدة وصحة الفهم وبعد أغواره، وإذا كان الغرض من الوضوح هو الاقتصاد المباشر، في إجهاد مواهب القارئ، فإن الغرض من القوة الاقتصاد غير المباشر بإيقاظ عقله، وعواطفه، وأخيلته، لتدرك المعاني بقوة، وتحظى بمتعة جديدة؛ إذ كانت قوة الأسلوب صدمة للعقل، ودعوة للنزال، والبحث عن مواطن الرالعة والفائدة، وهناك قاعدتان لتحقيق القوة الأسلوبية، نذكرها فيما يلي:

<<  <   >  >>