للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المقامة]

وهي نوع من القصص الأدبية القصيرة التي تعتمد على الخيال في تأليف حوادثها، وترمي إلى غاية مثل تعليم اللغة، وسرد الموعظة، ووصف الأشياء ونقد الأدب، والعناية بالعبارات الجزلة البديعة، واشتقاقها من المقام أي مكان القيام، وكل ذلك في الخطب والتكلم في المحافل ثم قيل لما يقال فيها من خطبة أو موعظة مقامة١.

وقد ترقى هذا الفن على يد بديع الزمان الهمذاني "٣٩٥هـ" إذ أنشأ مقاماته ونحلها أبا الفتح الإسكندري على لسان عيسى بن هشام، ثم تبعه الحريري "٥١٦هـ" فأنشأ خمسين مقامة نحلها أبا زيد السروجي على لسان الحارث بن همام ثم تبعهما فيها الأدباء على مر العصور كالسيوطي، وابن الجوزي، والقلقشندي، وغيرهم كثير، وحتى أطلقها المعاصرون على مقالات فكاهية عامية نشرتها ولا تزال تنشرها بعض الصحف الأسبوعية في النقد والفكاهة.

وقد ترجمت مقامات الحريري إلى اللاتينية، والفرنسية، والإنجليزية والألمانية، والفارسية والتركية، ولا تزال تدارس في الجامعات الأوربية بشرح سلفستردساسي الذي وضعه سنة ١٨٢٢م. ويمكن تمييز المقامات بما يلي:

١- أنها تدور في الغالب على حادث عادي واحد يتكرر فيها، فالبطل -كأبي الفتح الإسكندري في مقامات البديع أو أبي زيد السروجي في مقامات الحريري- يبدو للراوي متنكرًا ثم يكون بينهما في حوار في موضوع ما، وأخيرًا يعرفه الراوي، فكأن السر هو عرفان البطل بعد ما كان متنكرًا مجهولًا.

٢- وتتناول -موضوعيًّا- مسائل منوعة من النقد الأدبي؛ والاجتماعي والديني، والخلقي، ثم العظات، والفكاهات، والأوصاف، والحكايات التي تصور كثيرًا من خواص البيئات التي أنشئت فيها كالمقامة القريضية والعراقية والأسدية لبديع الزمان.


١ راجع تاريخ الأدب العربي للزيات، ص٤٤٣، الطبعة الخامسة: والنثر الفني لزكي مبارك، الباب الثالث ص١٩٧.

<<  <   >  >>