ويراد بالصورة القوية ما تتجاوز بالعقل معناها الحرفي إلى معنى أو معانٍ أخرى مجازية أو غيرها، وذلك يكون بالتمثيل، والكناية، والاستعارة من كل ما يفتح أمام القارئ آفاقًا من التفكير أو التخييل، من ذلك قول بشار:
إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
فيمكن أن نفهم من هذا البيت معاني ثلاثًا بهذا الترتيب:
أولها: هذا المعنى الحرفي الساذج، وهو أن يحتمل الإنسان شرب الماء على قذاه أحيانًا لأنه لا يضمن صفاءه دائمًا.
ثانيها: احتمال الصديق على ما به من عيب، فلم يسلم إنسان من العيوب وهذا المعنى هو المناسب؛ لأن بشارًا كان يعاتب.
وثالثها: وهو الأخير، احتمال السقوط في الحياة وتحمل عنت الدهر، فالفوز المطلق غير محتوم.
على أن مثل هذه الصورة الخيالية، والعبارات البيانية، تبين لنا كيف يتصور الأديب الأشياء، ويتناولها بعقله وخياله، وتجعلنا نشعر بشعوره ونتحد معه، ولو لحظات.
ونذكر هنا بعض الوسائل التي تحقق للبليغ قوة التعبير:
١- من ذلك، ما ذكر قبلا، من استعمال الكلمات المألوفة، المحدودة المعنى، العربية، فذلك يفيد في وضوح الأفكار والصور، كما يفيد في قوتها