للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: الوصف

وهو الكشف والإظهار، والمراد هنا الوصف الأدبي الذي يتناول الطبيعة والإنسان، والآثار القائمة، والمنشآت الجميلة، والحوادث الكبيرة وكل ما يعن للإنسان تسجيله باللغة فهو نظير الرسم والتصوير، يعتمد على الخيال وصدق التعبير والعاطفة الأساسية التي تنشئ الوصف هي الإعجاب والروعة بما يشهده الأديب فيفسره تفسيرًا خاصًّا متأثرًا بمزاجه ووجهه نظره، ويخلع عليه من نفسه تفاؤلها أو تشاؤمها، إكبارا أو ازدراءها. ولما كان هذا الفن واسعا يتناول كل شيء كان أسلوبًا متنوعًا كثيرًا١ فوصف الحسيات غير وصف المعنويات، ووصف الحروب يختلف عن وصف المناظر الجميلة، ولغة الأصوات المدوية تغاير لغة الألوان الزاهية، وفوق ذلك لا يخلو فن من الوصف، فهو في الحرب حماسة وفي الجمال نسيب وفي الفضائل مديح وفي الحزن رثاء. وهكذا تجد الشعر إلا أقله راجعا إلى باب الوصف. يختلف أسلوب الوصف إذًا باختلاف ما يوصف فهو جزل قوي في وصف الحروب وأصوات الطبيعة وحوادثها المفزعة. ولين سلس في وصف العواطف الرقيقة حبًا وعتبًا واعتذارًا ولهوًا وطربًا. ورائع جذاب في وصف البروق اللامعة والكواكب النيرة والأزهار النضرة والأنغام الحلوة والجمال كيف كان، وقد سبق أكثر ذلك إلا وصف المشاهد الطبيعية، والآثار الضخمة فيجب أن تكون كلماته حاكيه صوت الطبيعة من لون وصوت وحركة حتى إذا قرأه الإنسان أو سمعه تمثل له الموت كأنه يراه بعينه؛ ويسمعه بأذنه. ويحس في نفسه بجماله، أو بجلاله، وأما الصور الخيالية فإنها تعتمد على الطبيعة والإنسان. فالماء فضة، والوجه بدر، والخد ورد أو العكس. والبلابل غريدة. والإنسان الرخيم الصوت كالكروان والنسيم أنفاس الأحبة.. إلى نحو ذلك حتى تجد الجمل والعبارات موسيقى


١ راجع الوساطة ص٢٩.

<<  <   >  >>