للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: النسيب

١- ويسمى التشبيب والتغزل، وهو الفن الذي يتناول الحب الإنساني وما يتصل به، وقد يسمى الغزل، والغزل مصدر من معانيه الضعف في السعي وإلف النساء، والتخلق بما يوافقهن من شمائل حلوة، وكلام مستعذب ومزاج مستغرب والتعبير عن ذلك يسمى النسيب١ ومهما يكن فالنسيب أو الغزل فن رقيق لين، طريف يصور عاطفة اجتماعية طبيعة تنحل إلى شعور بالنقص ورغبة في إكماله، والتلطف في ذلك إلى أبعد غاية، لذلك كان الشاعر فيه ذليلا إذا طلب، شاكيًا إذا حُرِم، ثابتًا لا ييأس مأخوذًا بمن يهوى يكاد يفنى فيه والشاعر إما أن يصف المرأة وما يتعلق بها معجبًا مشببًا، وإما أن يصف نفسه شاكيًا حرقة الجوى وتباريح الهجر، وآلام الدلال والحرمان. وإما أن يصف نفسه والمرأة معا وما قد يحدث بينهما عف اللسان أو مسفا مرذولا.

فالأول وصف، والثاني شكوى، والثالث قصص.

وإذا كانت المرأة هي الشاعرة الغزلة فالأصل أنها تعشق في الرجل جماله وفضائله ومواهبة القوية السامية ويظهر أن قلة الغزل الصادر عن المرأة في الشعر العربي راجعة إلى خجلها قديما فكتمت حبها في نفسها حتى ماتت معها وإلى غرورها حديثا فلا زالت ترجو أن تكون معبودة مدللة وإلى قلة الشواعر وضعفن في الإنتاج الأدبي. على أن المرأة كثيرًا ما تكتم شعور الحب فإذا مات من تحب


١ راجع نقد الشعر لقدامه ص٤٢ والعمدة لابن رشيق ص٩٣.

<<  <   >  >>