للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرواية]

إذا كان الأصل في الوصف تصوير المشاهد والمشاعر؛ فإن الأصل في الرواية حكاية الحوادث والأعمال بأسلوب ينتهي إلى غرض مقصود وكلا الفنين يتناول ما يحيط بالإنسان، وإذا كان الوصف يقابل الرسم فإن الرواية تشبه الخيالة "السينما".

والرواية -أو القصة- فن طبعي قديم صاحب الأمم من عهد البداوة إلى ذروة الحضارة، ولا يزال إلى اليوم يمثل مكانة ممتازة بين الفنون الأدبية الأخرى لاتصاله بحياة الناس الماضية أو الحاضرة، ولمرونته واتساعه للأغراض المختلفة ولجمال أسلوبه وخفته على النفوس.

وقد كان هذا الفن سمر العرب في الجاهلية حتى بلغ القرآن الكريم أسمى درجة بأبلغ أسلوب وأفصح بيان، ثم نشط بعد ذلك وتعددت أنواعه وأغراضه فكان حقيقيًّا كقصص الرحل والملوك والأدباء، وخياليًّا مثل كليلة ودمنة وفاكهة الخلفاء، ومنه نوع أدبي قصير كالمقامات، وحماسي طويل كقصة عنترة١.

وفي العصر الحديث أخذت الرواية وضعًا فنيًّا، وخضعت لبعض القوانين في التأليف والأسلوب، فكثرت أشخاصها وحوادثها وتشابكت ثم تعدد مواقفها ونتائجها، ودونها في ذلك القصة Story ثم الأقصوصة أو الحكاية ذات المغزى الواحد والفكرة الواحدة على قصرها وقلة حوادثها وأشخاصها وبساطتها فهي للرواية كالمقطوعة من الشعر بالنسبة للملحمة الكبيرة. ثم تنوعت من


١ راجع المختصر لجورجي زيدان ص١٣٨.

<<  <   >  >>