للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التأليف]

وهذا الفن من أبواب المنطق التطبيقي. يخضع لما يسمى مناهج البحث والتأليف باختلاف موضوعاتها: الرياضية والطبيعية، والاجتماعية، والأدبية١ ولكل أثره في الأساليب ما دامت العبارة صورة للمعاني والموضوعات. هذا من ناحية؛ ومن الناحية الثانية نرى أن للشخصية أثرًا واضحًا في منهج التأليف والبحث فاقتضى ذكره هنا. وإذا كان لا بد من الإشارة إلى نحو من ذلك مقارب، فهؤلاء كتاب السيرة النبوية المعاصرون، محمد حسين هيكل، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، فالصفة التقريرية العلمية كانت لأولهم، فظهر كتابه خاضعًا لمناهج البحث العلمي الواضح في الفصول والأقسام، وفي عرض الآراء ومناقشتها، وفي الاستقصاء والعناية بالحق وتخليصها من الأساطير وتفسيرها بروح العلم والدين، وكان أسلوبه لذلك ممتاز بالوضوح، والدقة العلمية، والمساواة، وإن لم يخلص من الشعور الديني.

وقد أخلص ثايها لفنه القصصي فاستلهم المراجع القويمة التي صاحبت حوادث السيرة وانتقل إلى أماكنها كذلك. وعاش مع أهلها يتلقى عنهم الحقائق والخرافات والتورايخ والأساطير، حتى اندمج في هذا الماضي وأعاده إلينا قصصًا جميلًا حقًّا، بأسلوبه الفياض، الموسيقى، المستقصي، فلم يتقيد بالمنهج العلمي في التحقيق، والتقسيم، وفي مجانبة الخيال ومناقشة الآراء والأقوال.

وأما ثالثهم فكان عالمًا أديبًا "ممثلا" استخلص الحقائق ولكن بالروح الإسلامية، واختار رءوسها الهامة، وقسمها فصولا ومناظر، وأداها بهذا الأسلوب الحواري الذي هو أسلوب القصص التمثيلية، مع الاحتفاظ بعباراته القديمة ما أمكنه ذلك.

الأول عالم، والآخران أديبان: قصاص وممثل.


١ راجع المنطق التوجيهي تأليف أبو العلاء عفيفي: الفصل الثاني عشر.

<<  <   >  >>