للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: البلاغة بين العلم والفن]

حينما يدرس الطالب قواعد البلاغة ومسائلها دراسة نظرية منظمة، يقال: إنه يدرس علم البلاغة، كما يدرس مواضع الفصل والوصل، وقوانين التشبيه والمجاز، وأصول الخطابة والرواية والوصف، فإذا ما أخذ يطبق هذه القواعد تطبيقًا عمليًّا بإنشاء الكلام البليغ، قيل: إنه يعالج فن البلاغة؛ كأن يرتجل الخطابة، أو يكتب القصة، ويبدع الوصف: فالعلم هو المعارف الإنسانية في أسلوب منسق، والفن هو هذه المعارف في شكل عملي تطبيقي، والفن نوعان: نافع كالصناعات التي يكون عمل الجسم فيها أظهر من عمل الذوق، وفن جميل، وفيه يكون أثر الذوق، ومظهره أشد من أثر الجسم كالموسيقى والأدب والرسم والتصوير؛ فهذه كلها لغات حسية جميلة تعبر عن عاطفة الإنسان وشخصيته الفنية تعبيرًا جميلًا بوسائلها المختلفة، كألحان الموسيقى، وعبارات الأدب، وألوان الرسم، وأدات التصوير، وهو عمل الصور -أي التماثيل- وهناك كلام كثير في الفروق بين العلم والفن ليس هنا موضع الخوض فيه١.

وإنما نذكر في هذا الفصل صلة البلاغة بكل من العلم والفن مع الإشارة إلى فوائدها في كل ناحية من هذه النواحي متوخين الإيجاز ما دام كافيًا.

١- وقد أسبقنا القول في أن البلاغة علم أدبي، وكنا نلاحظ هناك نسبتها إلى الأدب بمعناه الخاص غالبًا، أي هذه النصوص الممتازة من الشعر والنثر، وقرناها


١ راجع للمؤلف: أصول النقد الأدبي ص٦٥ طبعة ثانية.

<<  <   >  >>