نحاول في هذا الفصل أن نتعرف بعض عناصر الشخصية الأدبية من النصوص الكتابية والخطابية، والنظمية، ويلاحظ أن عناصر هذه الشخصية لا تظهر جميعها للقارئ إلا إذا درس آثار الأديب أو أكثرها، قراءة نقدية عميقة، ثم وازن بينه وبين غيره، وبخاصة في الفنون المشتركة بينهما، ليعرف كيف يختلف الأدباء في تفسير الأشياء والتعبير عما يتصورون، ومن هذا الاختلاف يفرق بين الشخصيات.
وليس من المستطاع أن نورد هنا جملة صالحة لكل أديب ونجعلها معرضًا للدرس والاستنباط، فذلك من عَمِل القارئ الذي يجد في الكتب والدواوين كفايته، وحسبنا أن نورد في كل فن ثلاثة أمثلة جزئية متوخين أن تتحد في الغرض، ثم نتلمس فيها ما يميز أصحابها، على أن يكون ذلك مثالًا يقاس عليه.
أولًا: في الشعر ١
قال أبو تمام يعاتب محمد بن عبد الملك الزيات:
لئن همي أوجدنني في تقلبي ... مالًا لقد أفقدتني منك موئلا
وإن رمت أمرًا مدبر الوجه إنني ... لأترك حظا في فنائك مقبلا