للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: التأليف

وربما لم تكن هناك حاجة إلى الكلام في هذه النقطة بعد ما سبق من أن الأسلوب العلمي -ومنه التأليف- لا يعد معرضًا قويًّا لظهور الشخصية كما هو الشأن في الأسلوب الأدبي؛ إذ العلم يرتكز على العقل أكثر من سواه، ومظهر العاطفة فيه ثانوي أو شكلي لا غير، والعقل مهما يتفاوت الناس في قوته وانتظام تفكيره، لا تبلغ أشكاله، وألوانه، مبلغ العاطفة، التي تعرض علينا الأمزجة، والأخلاق، والأخيلة، والأذواق، والمذاهب الاجتماعية والأدبية وغيرها. على أن الأساليب العلمية الخالصة لا تكون الفروق اللفظية فيها كثيرة. ولا قوية. وربما كان خضوعها لمناهج البحث وموضوعاته أشد وأوضح.

ومع ذلك فليس ما يمنع -اعتمادًا على اختلاف مناهج البحث العلمي، وعلى مقدار تفرد العقل في التأليف، وأثر ذلك في العبارة- أن نشير هنا إلى مظاهر اختلاف الشخصيات في الكتب العلمية أيضًا. ولكن في إيجاز.

طه حسين في "الأدب الجاهلي" وأحمد أمين في "فجر الإسلام وضحاه"، ومصطفى عبد الرازق في "البهاء زهير". ثلاثة مؤلفون. وزملاء علميون. تجمعهم رابطة الثقافة العالية. والقيام على دعم وتنظيم طرائق البحث العلمي في هذه البلاد. ولكنهم مع ذلك كله يتغايرون فيما سلكوه من مناهج. وفيما تحروا من غاية. وفيما سطروا من أساليب.

<<  <   >  >>