للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: الخطابة

خطب علي بن أبي طالب في استنفار الناس إلى أهل الشام١:

"أفّ لكم! لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضًا وبالذل عن العز خلفًا؟ إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة ومن الذهول في سكرة، يرتج عليكم حواري فتعمهون٢، فكأن قلوبكم مألوسة٣، فأنتم لا تعقلون، ما أنتم لي ثقة سجيس الليالي٤، ولا زوافر٥ عز يفتقر إليكم، وما أنتم إلا كإبل ضل رعاتها، فكلما جمعت من جانب انتشرت من آخر، لبئس، لعمر الله، سعر٦ نار الحرب أنتم، تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم فلا تمتعضون، لا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون.

أيها الناس، إن لي عليكم حقًّا، ولكم عليَّ حق، فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم٧، وتعليكم، كي لا تجهلوا. وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة عندما أدعوكم، والطاعة حين آمركم".

وخطب معاوية حين قدم المدينة عام الجماع٨، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد، فإني والله ما وليتها٩ بمحبة علمتها منكم، ولا مسرة بولايتي عليكم، ولكني جالدتكم بسيفي١٠ هذه مجالدة، ولقد رضت١١ لكم


١ راجع المنتخب ج١، ص٨٤-٨٨.
٢ يرتج: يغلق فلا تهتدون لفهمه.
٣ مألوسة: مختلطة مضطربة.
٤ طول الليال أي أبدا.
٥ جمع زافرة، عشيرة الرجل أو ركن البناء.
٦ الوقود.
٧ الخراج وما يحويه بيت المال.
٨ هو عام ٤١ وفيه صالح معاوية الحسن بن علي، على أن يبقى معاوية خليفة.
٩ أي الخلافة.
١٠ أي ضاربتكم به.
١١ ذللت.

<<  <   >  >>