وهنا نشير إلى مسألة أخرى هي اختلاف أساليب الشعر باختلاف الموضوعات التي يتناولها؛ إذ كان من الملاحظ أن أسلوب الحماسة أو الفخر قوي جليل، وأن أسلوب العتاب أو النسيب، رقيق جميل، وأسلوب الوصف الطبيعي رائع جذاب؛ فما سبب هذا الاختلاف، وما مظاهره اللفظية؟
من المقرر الثابت أن الشعر فن جميل ينشأ عن الناحية الوجدانية للنفس الإنسانية فيعبر بلغته الكلامية الموسيقية عن أنواع الانفعال والعواطف.
والانفعال قوة وجدانية تسيطر على النفس وتصحبها تغبيرات جثمانية ظاهرة وأخرى عقلية باطنة، واضطرابات عصبية من الممكن أن يلحظها الإنسان في نفسه، وفي غيره، في أحوال الغضب والرضا، والفرح والحزن، والتفاؤل والتشاؤم، والفزع والهدوء، على تفاوت في الكم والكيف، وفي طبيعة الانفعال لذة وألما، وبساطة وتركيبًا إلى غير ذلك. لاحظ الخائف وما يحل به من انقباض عام، وضيق نفسي، وجفاف في الحلق، وخفة في النفس، وارتعاد في العضلات، ثم ضيق دائرة الشعور وقصره على ما يتصل بموضوع الانفعال، وقد يبلغ به الأمر إلى نسيان عهوده ومواثيقه، واكتسابه شخصية أخرى.
فالانفعال يؤثر في الجسم والعقل والسلوك سواء أكان خوفًا أم حبًّا، أم بغضًا أم إعجابًا.. ولكن بدرجات مختلفة كما أسلفنا.