والناس يختلفون في الشخصية بين قوي وضعيف، نابه وخامل، ثابت ومتقلب، جبار صارم ورقيق وديع. ومبتكر نشيط ومقلد بليد. وقد حفظت الأخبار التاريخية بعض الصفات التي غلبت على سواها وكانت رمزًا لشخصيات أصحابها كعدل عمر. وكرم حاتم. ودهاء معاوية، وجبروت الحجاج. وشجاعة عنترة. وتكون الشخصية للرجال والنساء. والمتعلمين والجهال. والأخيار والأشرار. وللأفراد والشعوب، كالنظام الألماني، والثقة بالنفس الإنجليزية والفكاهة المصرية. والجندية التركية وهكذا.
٢- والأدب معرض لظهور الشخصية واضحة؛ فمن المقرر أن العاطفة هي التي تميز من العلم. وهي التي تبعث فيه الخلود. وتشربه شخصة الأديب١ ففي ديوان الشاعر -مثلًا- تجد مزاج الأديب. وطبعه وخلقه، ومذاهبه في الحياة. ومستوى ثقافته. وظل روحه. ونظرته إلى الحياة. وتفسيره للأشياء تفسيرًا أدبيًّا أو فلسفيًّا. كذلك تعرف نوع كلماته وجمله. طريقة تصويره وتعبيره.
ولست تجد اثنين يتفقان في كل هذه الخواص أو جلها. كما وكيفا. إذ كل إنسان أمة واحدة فيما يصله بالحياة متأثرًا ومؤثرًا ذلك لأنه شخصية واحده فطرها الله ممتازة. وكونتها ملابسات بعينها. فاستقامت ذات طبيعة محدودة وخطة خاصة. وكانت هي هذا الفرد الممتاز، ونتيجة ذلك أن الأديب حين يعبر عن شخصيته تعبيرًا صادقًا يصف تجاربها ونزعاتها ومزاجها وطريقة اتصالها بالحياة ينتهي به الأمر إلى أسلوب أدبي ممتاز في طريقة التفكير والتصوير والتعبير؛ هو أسلوبه المشتق من نفسه هو: من عقله. وعواطفه. وخياله. ولغته؛